فلما وصلني هذا الخطاب ، الذي ملأ من الفصاحة الوطاب [٢] ، وحلي [٣] في عيني وقلبي وطاب ، تحرّكت دواعي الوجد ، لذلك المجد ، الذي ولعت به ولوع ابن الدّمينة بصبا نجد ، وأثار من الهيام والأوار ، ما يزيد على ما حصل للفرزدق لمّا فارق النوّار ، وتضاعف الشوق إلى تلك الأنجاد والأغوار ، منشدا قول الأول «لعلّ أبي المغوار» وتذكرت والذكرى شجون وأطوار ، تلك الأضواء والأنوار ، المشرقة بقطر أزهر بالمحاسن ، وجرى نهره غير آسن ، فلم يذم فيه الجوار : [الطويل]
وإنّ اصطباري عن معاهد جلّق
غريب فما أجفى الفراق وأجفاني
سقى الله أرضا لو ظفرت بتربها
كحلت بها من شدة الشوق أجفاني
وحصل التصميم ، على التكميل للتأليف والتتميم ، رعيا لهذا الوليّ الحميم ، أفاض الله تعالى عليه غيث البرّ العميم ، وأبقى ظلّ عزه ممدودا ، وحليّ [٤] سؤدده مودودا ، وأناله من الخيرات ما ليس محصورا ولا معدودا ، وجمعني وإياه ، وأطلع لي بشر محيّاه ، وأنشقني عرف اجتماعه وريّاه ، وكيف لا أستديم أمد بقياه ، وأعتقد البشائر في لقياه ، وأسقي غروس الودّ
[١] الطّرف ـ بكسر الطاء ـ الكريم من الخيل ، ويقال «فرس صافن» إذا قام على ثلاث قوائم وحافر الرابعة.