مأمورا بهاء بناء على الملازمة، و قيدها- أي إتيانها بداعويّة أمرها- أيضا مأمور به بملاك المقدّميّة. مع أنّ إشكال الدور مطلقا قد دفع في محلّه [1]، و الأمر هاهنا أهون، لما عرفت من أنّ ذوات الأفعال مأمور بها لأجل المقدمية، لكن هذا الجواب إلزاميّ، و إلا فقد عرفت أنّ الأمر الغيريّ لا يصلح للداعويّة، و الداعي لإتيان المقدّمة بما هي كذلك لا يكون إلاّ الأمر النفسيّ المتعلق بذي المقدّمة، و سيأتي الجواب عن جميع الإشكالات إن شاء اللّه.
و الثالث- و هو العمدة-: أنّ الأوامر الغيريّة توصليّة لا يعتبر في سقوطها قصد التعبّد، مع أنّ الطهارات معتبر فيها قصده بلا إشكال [2].
و التحقيق: أنّ الطهارات الثلاث بما هي عبادات جعلت مقدّمة للصلاة و غيرها، و عباديّتها لا تتوقّف على الأمر الغيريّ حتّى ترد الإشكالات المتقدّمة، بل التحقيق: أنّ المعتبر في صحّة العبادة ليس الأمر الفعليّ النفسيّ أيضا، بل مناط الصحّة صلوح الشيء للتعبد به، و هذا ممّا لا يمكن الاطّلاع عليه غالبا إلاّ بوحي اللّه تعالى، و بعد ما علم صلوح شيء للتعبد به و أتي به بقصد التقرّب إليه تعالى يقع صحيحا قصد الأمر أولا، بل لا يبعد دعوى ارتكاز المتشرِّعة في إتيان الواجبات التعبديّة بقصد التقرّب إليه تعالى مع الغفلة عن الأمر بها- تأمّل- فلو فرض سقوط الأمر بواسطة عروض شيء، فأتى به متقرّبا،