يستحيل من المولى الحكيم أن يوجه أمرا بشيئين متزاحمين في أن واحد إلى عبده و لكن الاستحالة لعدم إمكان الامتثال لهما و لكن ذلك لا ينافي محبوبيتهما في أنفسهما و هو ملاك الأمر فيهما و الصحة تابعة له فيصح لو أتى بالموسع و ترك المضيق كذا يصح لو أتى بغير الأهم و ترك الأهم و من ذلك اتضح أن الأمر بالشيء لا ينهى عن ضده في الأوامر الشرعية و أنه لو أتى بغير الأهم أو بالموسع كما لو صلى الظّهر مثلا مع سعة وقته فيما إذا كان مديونا قادرا على أدائه و لم يرضى صاحب الدين بتركه كانت صلاته صحيحة و لا يلزم منه اجتماع الأمر و النهي الناشئ عن الأمر بأداء الدين في موضوع واحد و هكذا نظائره و قس عليه البواقي تنبيه- قد يعبر عن الضد بالترك و يقال إن الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضده و هو الترك و يقال له الضد العام و لا يخفى عليك أن الأمر بالشيء بصيغة افعل كأنه عبارة أخرى عن صيغة لا تتركه و لا فائدة مهمة في البحث عن ذلك و اللّه العالم
الكلام في أنه قد تكون المصلحة في نفس الأمر دون المأمور به
16- فصل أنت إذا راجعت نفسك ترى أنك قد تأمر أولادك بأشياء و ما تريد وقوعها و إنما تريد، أن تختبرهم و تميز مطيعهم عن غيرهم و إذا أتوا ببعض مقدماتها تنسخ أمرك و تظهر ما في قلبك و قد تأمرهم بأشياء و أنت تعلم أنهم مطيعون لك في جميع أوامرك لتظهر شأنهم أو جلالتك لغيرك ثم إذا هيئوا أنفسهم في مقام امتثالك و ظهر شأنهم