اعلم يا أخي أني كثيرا ما صاحبت العلماء العظام (دامت بركاتهم) و كانوا يظهرون التنفر و الانزجار من الإطناب في أصول الفقه و كان يقول بعضهم يا ليت واحدا من الأعاظم (ممن يرجع إليهم) شمر ذيله لهذا المهم و لخصه و هذبه و خلص طلاب العلوم الدينية من هذا الضيق و الضنك الذي ابتلوا به بسبب إطالته و إني (و إن كنت ممن لا يعتنى بقوله) توكلت على اللّه و أقدمت على هذا الأمر الذي فيه رضاء اللّه و رضاء أوليائه مستعينا به راجيا منه نيل المقصود بفضله فإنه تعالى كثيرا ما يجري الأمور العظام بأيدي الضعفاء الأذلاء ليظهر قدرته فمن وقف فيه على ركاكة في- العبارة أو غفلة عن المرام فليصلحه أو يمر به كريما فإن أول كل شيء و ابتداءه قد يكثر فيه الغلط و الغفلة و لعل اللّه يوفق قوما صلحاء من بعد يصلحون و يهذبون ما أسسته فإن اللّه على كل شيء قدير و كان ذلك في سنة ثلاثمائة و سبعون بعد الألف من الهجرة النبوية على هاجرها ألف ألف تحية.