و أمثال ذلك، فلا بد- في الاستدلال بدليل ذلك الحكم- من إثبات رجحان ذلك الموضوع أو جوازه، و لا يمكن أن يستكشف ذلك من عموم الدليل المذكور، فان التمسك بالعامّ يتوقف على إحراز موضوعه. و هذا واضح، لكنه نسب إلى بعض التمسك بعموم دليل وجوب الوفاء بالنذر، للحكم بصحة الوضوء و الغسل المنذورين بمائع مضاف لو شك في صحته و بطلانه. و ربما يؤيد ذلك ما ورد من صحة الإحرام قبل الميقات، و الصيام في السفر إذا تعلق بهما النذر، و يؤيد أيضا حكمهم بصحة النافلة في وقت الفريضة إذا تعلق بها النذر.
و الحق أنه لا يجوز التمسك بالعامّ فيما شك من غير جهة تخصيصه، و الوضوء و الغسل بالمائع المضاف لو كانا باطلين، لم يلزم تخصيص في دليل النذر، فكيف يستكشف صحتهما من عموم دليل النذر؟
و أما صحة الصوم في السفر بعد النذر، و الإحرام قبل الميقات كذلك بعد وجود الدليل على ذلك، فبالجمع بين الدليل المفروض و دليل الوفاء بالنذر إما باستكشاف رجحانهما الذاتي (223)، و إنما المانع في تعلق الأمر الاستحبابي أو الوجوبيّ بالعنوان الأولى، و إما بصيرورتهما راجحين بنفس النذر، بعد ما لم يكونا كذلك، لكشف دليل صحتهما عن عروض عنوان راجح ملازم لتعلق النذر بهما، و إما بالالتزام بالتخصيص في عموم دليل النذر المقتضى لعدم انعقاده إلا فيما إذا كان المنذور راجحا.
و على الأخير يقصد التقرب بامتثال امر النذر، و لا يضر تحقق القدرة بنفس الأمر، كما حقق في محله.
(223) هذا على القول بكفاية الرجحان الذاتي في صحة النذر، و لو كان بالعرض مرجوحا، لكن الظاهر أنه خلاف الواقع، بل يشترط الرجحان الفعلي.