هذا البحث لم
يعنون في الأبحاث بعنوان مستقل ، وانما يشار إليه في ضمن الأبحاث الأخرى المتعلقة
بالاستعمال.
والمقصود منه بيان
حقيقة استعمال اللفظ في المعنى. والأقوال فيها متضاربة ـ فمنهم من يرى انه إفناء
اللفظ في المعنى وإلقاء المعنى باللفظ [١]. ومنهم من يرى
انه جعل اللفظ علامة للمعنى كغيره من العلامات [٢] ـ والمتعارف على
الألسن في تحرير النزاع المذكور ، هو ان الاستعمال هل هو من قبيل جعل اللفظ علامة
للمعنى كغيره من العلامات أو لا؟ وظاهر ان تحرير النزاع على هذا النحو لا يخلو عن
شائبة المنع ، لافتراق وضع سائر العلامات عن وضع اللفظ والدلالة الوضعيّة فيهما من
جهتين :
الأولى : أن
الدلالة الوضعيّة الناشئة بالاستعمال دلالة تصورية ، إذ لا يترتب على ذكر اللفظ
سوى تصور المعنى لا غير ، بخلاف دلالة العلامات ، فانها دلالة تصديقية لأن
الانتقال منها إلى مدلولها انتقال تصديقي كما هو ظاهر.
الثانية : ان
دلالتها ليست بالاستعمال ، فان واضع العلامة لم يقصد حال الوضع التفهيم والكشف عن
المدلول بها ، وانما وضعها لينتقل بملاحظة وجودها إلى ذي العلامة ، فالانتقال
المتأخر عن الوضع ليس من توابع استعمال ما بل من توابع نفس وجود العلامة والعلم
بالوضع لهذه الجهة.
وبالجملة
: فتحرير الكلام
بهذا النحو غير وجيه ، بل لا بد من تحريره بنحو يكون جميع أطراف احتمالاته من نحو
الاستعمال وقبيله.
[١] الخراسانيّ
المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٣٦ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.
[٢] الفياض محمد
إسحاق. محاضرات في أصول الفقه ١ ـ ٢٠٨ ـ الطبعة الأولى.