فيتمسك بالاستصحاب و يحكم بحرمة وطئها على نحو القضية الحقيقية. و لا يعقل ان يفرض امرأة أيام طهرها و يحكم بحرمة وطئها للاستصحاب، باعتبار انه لا يعتبر في جريان الاستصحاب تحقق الموضوع خارجا، إذ لا يقين بحرمة وطئها و لو على حسب الفرض ليحكم ببقائها للاستصحاب و المقام من هذا القبيل، فان الفقيه إذا فرض مكلفا تعذر عليه الإتيان ببعض اجزاء المركب مقارنا لأول الوقت، لا يقين له بثبوت التكليف عليه، و لو بالفرض و التقدير، إذ التكليف بغير المتعذر من الاجزاء و الشرائط مشكوك الحدوث من أول الأمر، فكيف يحكم بوجوب غير المتعذر تمسكا بالاستصحاب؟
و (بالجملة) لا بد في جريان الاستصحاب من اليقين بالحدوث و الشك في البقاء و لو على سبيل الفرض و التقدير. و في المقام فرض الشك في الحدوث فلا يعقل جريان الاستصحاب فيه، و لعمري ان هذا واضح و يزداد وضوحا بذكر أقسام جريان الاستصحاب في الحكم الشرعي، فنقول ان الاستصحاب الجاري في الأحكام الشرعية يتصور على وجوه:
(الأول)- ان يستصحب الحكم باعتبار مرحلة الجعل و التشريع عند احتمال نسخه، و لا ينبغي الشك في ان جعل الحكم و تشريعه لا يتوقف على تحقق الموضوع خارجا، فان الجعل جعل على الموضوع المقدر لا على الموضوع المحقق، بل ربما يكون جعل الحكم و تشريعه موجبا لعدم تحقق الموضوع في الخارج، كما في الحكم بالقصاص. و يشير إلى هذا المعنى قوله تعالى: (و لكم في القصاص حياة يا أولى الألباب) ففي مثل ذلك يجعل الحكم على الموضوع المقدر على نحو القضية الحقيقية و لا رافع له إلا النسخ، فإذا شك في بقائه لاحتمال النسخ يتمسك بالاستصحاب، و يحكم ببقائه بلا دخل لوجود الموضوع في الخارج و عدمه.