عقاب المولى عبده المخالف لقطعه، و عدم صحة عقاب العامل بقطعه و لو كان مخالفاً للواقع، و إدراك العقل ذلك لا يكون بجعل جاعل أو بناء من العقلاء، لتكون الحجية من الأمور المجعولة أو من القضايا المشهورة، بل من الأمور الواقعية الأزلية، كما هو الحال في جميع الاستلزامات العقلية.
و ظهر الكلام مما ذكرناه في الجهة الثالثة، إذ بعد كون الحجية من اللوازم العقلية للقطع امتنع المنع عن العمل به، مع أنه يلزم منه اجتماع الضدين اعتقاداً مطلقاً و مطلقاً في صورة الإصابة، إذ مع القطع بوجوب شيء لو منع الشارع عن العمل بالقطع و رخص في تركه، فلو كان القطع مطابقاً للواقع لزم اجتماع الوجوب و الإباحة واقعاً و اعتقاداً، و لو كان القطع مخالفاً للواقع لزم اجتماعهما اعتقاداً، و الاعتقاد بالمحال لا يكون أقل من المحال في عدم إمكان الالتزام به.
و لنكتف هنا بهذا المقدار. و أما التعرض لما ذكره الأخباريون من منع الشارع عن العمل بالقطع الحاصل من غير الكتاب و السنة و الجواب عنه، فيأتي الكلام فيه قريباً إن شاء اللَّه تعالى.