فإنّ الاولى لا تدلّ إلّا على وجوب اظهار ما أنزل اللّه تعالى من البيّنات، لا على وجوب قبول كل ما ادّعي أنه من الكتاب.
و الثانية لا تدلّ إلّا على وجوب سؤال أهل الذكر، الغير الصادق على المحدّث بما هو.
و الثالثة لو لم تدلّ على عدم الحجية لا تدلّ عليها، فإنها دالّة على أنّ من الصفات الحميدة للنبي (صلّى اللّه عليه و آله) عدم إظهار إنكار إخبار المخبرين بحيث يعلم أنه لم يقبله، بل كان (صلّى اللّه عليه و آله) بمقتضى كونه رحمة للمؤمنين كما يدلّ عليه قوله تعالى: قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ يُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ رَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ الآية [1].
يتراءى منه (عليه السّلام) أنه قد قبل كلامه و لكن لم يرتّب الأثر، فتأمل.
(الثاني) من الأدلّة الدالّة على حجية أخبار الآحاد الأخبار المتواترة على اختلافها بحيث يقطع بصدور بعضها عن الامام (عليه السّلام)، و هي على طوائف سبعة:
ذكر أربعة طوائف منها في رسالة الشيخ الأنصاري، و أضفنا إليها ثلاث طوائف، و لنشر الى فذلكتها، و قد أفردنا الأخبار مفصّلة في موضع آخر.
(الاولى) الأخبار الدالّة على الرجوع الى المرجّحات عند التعارض [2].
و فيه: أنه إن كان المراد بالاستدلال بهذه الطائفة أنّ حيثية التعارض بما هي تدلّ على حجية الخبر الغير المعلوم الصدور فممنوع لإمكان التعارض في المقطوع أيضا دلالة أو صدورا، و إن كان التمسّك من جهة إطلاق قوله (عليه السّلام): «اذا جاءكم خبران متعارضان ... الخ» [3] حيث يشمل المقطوع الصدور و غير المقطوع فممنوع أيضا لكونه واردا في مقام بيان المرجّحات، فيمكن الإرجاع إليها في