و المقدّمة الثالثة غير محتاج إليها بعد فرض أنّ المتكلم قد بيّن تمام الموضوع لحكمه و لو كان هناك قدر متيقن، فتأمل جيدا.
و ينبغي التنبيه على أمرين
الأول: أنّ الإطلاق مطلقا في جميع الموارد يكون على نحو واحد و معنى فارد.
نعم، اختلافه حسب اختلاف انحاء الأحكام، فتارة يكون موضوعا لحكم اقتضائي، و اخرى: يكون لغير الحكم أو غير الاقتضائي منه.
فالأول إما يكون متعلّقا للوجوب أو الندب فمعناه شيوع الحكم في جميع أفراد الموضوع على نحو العموم البدلي و يسمّى إطلاقا بدليا، أو يكون متعلّقا للحرمة أو الكراهة فمعناه شيوع الحكم في جميع أفراد الموضوع على نحو العموم الاستغراقي و الاستيعابي و يسمّى إطلاقا استيعابيا، ضرورة أنه قد مرّ أنّ الأمر بعث الى الوجود، و النهي زجر عنه، و لازم ذلك امتثال الأمر بإتيان فرد من الطبيعة في الأول و تحقق العصيان بإتيان فرد منها في الثاني، فالشيوع و السريان في كليهما هو مقتضى الطبيعة، غاية الأمر يختلف باختلاف الأمر و النهي.
و هذا القسم من الإطلاق شرطه عدم وجود الأفراد في الخارج ليتحقق بإتيان المأمور به في الأول و الانزجار عن المنهيّ عنه في الثاني.
و أما الثاني أعني ما يتعلّق بغير الحكم أو الحكم الغير الاقتضائي مثل قوله تعالى: إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ[1] و قوله تعالى: أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ[2] فهو يتعلّق بأفراد موجودة بمعنى أنه بعد فرض وجودها يتعلّق المحمول به، بخلاف الأولين فإنه يكون متعلّقا للحكم ليوجد وجودا و عدما.
الثاني [: محلّ عدم كفاية أصالة الحقيقة في إثبات الحقيقة]
ما قلنا من عدم كفاية أصالة الحقيقة في إثبات الحقيقة- بل لا بدّ له من مقدّمات الحكمة- إنما هو اذا لم يكن تعلّق الحكم بمفهوم مدلول عليه بلفظ