هل يجوز تخصيص الكتاب بخبر الواحد أم لا؟ قولان: استدلّ المانعون بوجوه:
(الأول) أنّ الكتاب قطعي و خبر الواحد ظنّي و لا يرفع اليد عن المعلوم بالمظنون.
و فيه: أنّ أدلّة حجيّته خبر الواحد تصيّره معلوما، مضافا الى أن ظواهر الكتاب ليست معلومة و لو كان صدور أصل الكتاب معلوما.
(الثاني) أنّ دليل حجيّة الخبر الواحد هو الإجماع، و لا إجماع في المقام.
و فيه: أنّ الإجماع في المقام إجماع عملي يرجع الى السيرة، و السيرة ترجع الى بناء العقلاء، و الأدلّة الدالّة على حجّية الأخبار الآحاد كلها من الكتاب و السنّة و الآثار المروية عن الائمة (عليهم السّلام) دالّة على الحكم الإمضائي لا التأسيسي كما يأتي إن شاء اللّه تعالى في محلّه.
(الثالث) لو جاز التخصيص لجاز النسخ، و هو غير جائز إجماعا.
و فيه: أنّ الإجماع- لو كان- هو الفارق.
(الرابع) الأخبار الدالّة على طرح الأخبار المخالفة للكتاب أو «أنها زخرف» أو «لم نقله» أو «اضربوه على الجدار» أو غير ذلك [1] تدلّ على عدم الاعتماد و على الخبر المخالف للكتاب، و هذه الأخبار متواترة إجمالا أو معنى [2].
[1] راجع الوسائل: ج 18 باب 9 من أبواب صفات القاضي ص 75.
[2] الفرق بين التواتر المعنوي و الإجمالي أنّ الأول مشتمل على معنى مشترك بين سائر الأخبار الواردة في مشتبهات الحوادث بحيث يكون المعنى التّضمني أو الالتزامي داخلا في متفرقاتها، و الثاني مشتمل على لفظ يكون العلم به حاصلا من بين الشتات و لو لم يكن بينها مشترك فبينها عموم من وجه كما لا يخفى.