أبي بصير [1] و مرسلة عاصم [2] و جواب زرارة للطيار في صحيحة جميل [3]. فإن ظاهر ذلك كله: أن كل مقام فرض فيه اختلاف في شيء إذا أقرع فيه فعلى الله أن يبين فيه الواقع و يحكم بالعدل، إذ لا يكون اختلاف بين اثنين إلا و يكون هناك مبطل و محق لا محالة و إن كان خارجا عن هذين الاثنين، و الغرض وجود المحق و المبطل في الجملة لا في خصوص المتنازعين. فإذا تحقق وجودهما، فمقتضى الرواية: كون القرعة مبينة لذلك و مميزة بين الحق و الباطل بجعل الحكيم على الإطلاق، و كل ما هو كذلك فهو حجة. و يدلُّ على ذلك ما ينقلونه بطرق العامة: (أن القرعة لكل أمر مشتبه [4] كما في رواية، أو (لكل أمر مشكل) كما في أخرى [5]. و يكفي في إثبات حجية هذه العمومات تلقي الأصحاب لها بالقبول، و تمسكهم بها في هذه الموارد التي عددناها لك و إن كان كثيرا منها غير خال عن النص الخاص. لكن الظاهر من تعليلاتهم كون هذه العمومات مظنونة الصدور بل مقطوعا بها في الجملة من الشارع، و هذا يكفي في حجيتها و إن ضعف السند بحسب رجاله أو إرساله. و يدلُّ على عموم حجيتها لكل مشتبه: أنه لو لم يكن القرعة فيه حجة لم يكن غيرها أيضا حجة قطعا، إذ الفرض أن الواقعة مشكلة، و معنى الأشكال: عدم وجود مخرج شرعي و سبيل لذلك كما نوضح ذلك إن شاء الله تعالى و اللازم من ذلك تعطيل الحكم في موارد الاشتباه التي نعمل فيها بالقرعة، و هو مستلزم للهرج و المرج الواضحين المنافيين لحكمة الشارع، فلا بد في ذلك من سبيل واضح،