ولما أن بلغنا إلى محلة السلطان مولانا أحمد ابن مولاي محمد الشيخ الشريف الحسني وكان يقرب المدينة بنحو الستة أميال بسبب الوباء العظيم الذي نزل بتلك البلاد ، وكان عيد الأضحى في اليوم الآتي من بلوغنا ، وخرج السلطان في جنود ـ لم نظن ذلك ـ ، وعجبني حال الرماة فحزامهم هو أفضل وأحسن وأزين من حزام النصارى بكثير. وأما العرب الذين جاءوا وحضروا مع قوادهم ، فكانوا تسعا وعشرين ألف فارس وكذا مائة ما عدا السبيجية ، وفرسان المدينة ، والفرادة ، والجند كثير. وبعد ذلك دخلنا مراكش ، هي مدينة كبيرة ، وفواكهها كثيرة ، وعنبها ليس في الدنيا مثله. عرضها إحدى وثلاثون درجة ونصف. وطولها تسع دراج ، لأنها قريبة من الجزر الخالدات المسماة الآن بقنارية ، ومنها ابتدأ الطول وبعد أن دخل السلطان من المحلة وكان ذلك عام سبع وألف ، وأنعم علينا ، وأذن لنا في الدخول إلى حضرته في يوم الديوان ، ولما ابتدأت بالكلام الذي اخترته أن أقوله بحضرته العالية بصوت جهير سكت جميع الناس الحاضرون كأنها خطبة. ففرح السلطان وقال كيف يكون ببلاد الأندلس من يقول بالعربية مثل هذا الكلام ، لأنه كلام الفقها ، وفرح بذلك كافة الأندلس القدما ، ورأينا العافية والرخا في تلك البلاد إلى أن مات مولاي أحمد ـ ; ـ في مولد النبي 6 من سنة اثنتي عشرة وألف. وقامت القوام والهرج في المغرب كله ، ثم ثبت في المملكة مولانا زيدان ابن السلطان مولاي أحمد ـ رحمهماالله تعالى ـ وفي أيامه أمر السلطان النصراني ببلاد إشبانية ـ أعني بلاد الأندلس ـ المسم بفلب الثالث ـ من اسمه ـ بإخراج جميع المسلمين من بلاده ، وابتداء ذلك كان لسنة ثمان عشرة وألف. وآخر من خرج منهم كان عام عشرين وألف. وكان الأندلس يقطعون البحر في سفن النصارى بالكراء ، ودخل كثير منهم في سفن الفرنج ونهبوهم في البحر. وجاء إلى مراكش أندلس منهوبون من الفرنج من