ثم رحلنا من ذلك المكان عندما شاب مفرق الليل ، وولى من الصباح مشمر الذيل ، وبرز الفجر من خبائه ، وبسط على العالم رداء [٢] ضيائه ، فما سرنا إلّا قليلا حتى تلقتنا عقبة الكولك [٣] ، وهي عقبة عسرة المذهب وعرة المسلك ، ضيقة المدارج متشعبة المناهج ، متعددة الهبوط والصعود ، متزايدة التهائم والنجود ، كأن نجودها صعود إلى السماء ، وأغوارها نزول إلى قرار الماء ، فدخلنا بها [٤] في أمر عظيم ، وطريق غير مستقيم ، وعذاب يوم عقيم ، بينا نحن في عقاب عقاب إذا نحن في مهاد وهاد ، وبينما نحن في رأس جبل إذا نحن في بطن واد. نهبط فنظن أن قد بلغنا من الأرض أدناها ، ونرقى فنتوهّم أن قد تناولنا من السماء سهاها ، ونسلك سبلا تحار فيها القطا ، ولا تهتدي إليها الخطى ، ويكثر من طارقها وأن ألفها الخطأ ، فهي كما وصفها أو نظيرها [٥] مولانا المقر الكريم ، مولانا السيد بدر الدّين عبد الرحيم [٦] بقوله [٤٤ أ] : [من مجزوء الرمل]
[١] البيتان لعماد الدّين الكاتب الأصفهاني وموجودة في تاج المفرق ٢ : ١٣٠.
[٣] حدّد القلقشندي (٤ : ١٣٥) موضعها : على رأس جبل شمالي طرسوس بنحو مرحلة ، وهي قلعة مدورة يسكنها التركمان ، وهي من فتوحات السّلطان بايزيد سنة ٨٨٨ ه. وانظر : المنح الرحمانية ٥٥ ، قاموس الأعلام ٥ : ٣٩٢٥.