وأمّا جريان الاصول المثبتة في تمام الأطراف مع العلم بعدم التكليف في بعضها فسوف يأتي تحقيقه في مباحث الاستصحاب في الجزء التاسع من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى ، إذ جهة البحث فيه ليس عن مانعية المقدار المنجّز بالعلم الإجمالي بالتكليف عن جريانها ، بل عن مانعية العدم والترخيص المعلوم بالإجمال عن ذلك ، وسوف تعرف أنّ التحقيق جريان الاصول المثبتة غير التنزيلية في تمام الأطراف ، وكذلك التنزيلية على تفصيلٍ فيها ـ على مقتضى مبانيهم ـ بين بعض الموارد وبعض.
وبهذا انتهى الكلام في أصل المسألة ، وتحقّق بما لا مزيد عليه أنّ العلم الإجمالي إنّما يكون علّةً لحرمة المخالفة القطعية فقط ، ولا يوجب وجوب الموافقة القطعية ، لا بنحو العلّية ولا بنحو الاقتضاء ، لا بلا واسطةٍ ولا بواسطة إيجابه لتعارض الاصول ؛ لما عرفت من عدم إيجابه لتعارض الاصول في الأطراف. وعلى هذا ينسدّ الكلام في أكثر التنبيهات الآتية ، إلّا أنّنا سوف نتكلّم في التنبيهات جرياً على مبانيهم ؛ ليتحقّق مجال للبحث فيها.