كون الجميع أو معظمها خطأ بملاحظة الواقع. هذا بالنسبة إلى فقهاء أهل الحقّ مع عدم التقصير في الاجتهاد.
وأمّا فقهاء أهل الخلاف فليسوا فقهاء عندنا على سبيل الحقيقة [١] وهو ظاهر مع تقصيرهم في تحصيل الحقّ. وأمّا لو فرض بذل وسعهم في ذلك فغاية الأمر القول بكونهم معذورين ، لا أنّهم مكلّفون شرعا بما أدّى إليه اجتهادهم ليكون ذلك حكما شرعيّا في شأنهم على نحو المخطئ من فقهاء أهل الحقّ ، كما هو ظاهر من اصول المذهب ، ويأتي تفصيل القول فيه في محلّه إن شاء الله.
ولمّا كان هذا الكتاب [٢] موضوعا في الفقه وكان تعرضه لبيان الاصول من باب المقدّمة اقتصر المصنّف ; في المقام على بيان حدّ الفقه ، وحيث كان الملحوظ بالبحث عندنا هو الكلام في اصول الفقه فبالحريّ أن نشير إلى حدّه.
فنقول : قد جرت طريقة القوم على بيان معناه الإضافي والعلمي ، ومن البيّن أنّ المقصود في المقام هو الثاني ، وأمّا بيان الأوّل فإمّا لإبداء المناسبة بينه وبين معناه العلمي ، أو لدعوى انطباقه على المعنى العلمي بانحصار مفهومه الإضافيّ في الخارج بحسب المصداق في ذلك ، وهو الذي حاوله جماعة منهم ؛ ولذا جعلوا له حدّين : أحدهما بحسب معناه الإضافي ، والآخر بحسب معناه العلمي ، مشيرين بذلك إلى أنّ بيان معناه الإضافي تحديد بحسب الحقيقة لهذا الفنّ نظرا إلى الدعوى المذكورة ، كما سنشير إليه إن شاء الله تعالى.
ثمّ إنّه قد يدّعى كون لفظ «الاصول» حين إضافته إلى الفقه علما لهذا العلم ، على أن يكون التقييد داخلا والقيد خارجا ، وهو الظاهر من صاحب الوافية. وقد يشير إليه ظاهر الإطلاقات ، إذ لا يبعد كون معنى الفقه مقصودا في استعمالات اصول الفقه.
[١] وإطلاق الفقهاء عليهم عندنا إنّما هو من جهة التسمية لهم نظير إطلاق الصلاة وسائر أسامي العبادات على أعمالهم ، ولا تجوّز إذا في الاستعمال كما سنشير إليه. (منه ;).