نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر جلد : 1 صفحه : 99
المقالة الرابعة و الثلاثون في النهي عن
السخط على اللّه تعالى
قال رضي اللّه عنه و أرضاه:
ما أعظم تسخطك على ربك و تهمتك له عزّ و جلّ، و اعتراضك عليه و
انتسابك له عزّ و جلّ بالظلم، و استبطائك في الرزق و الغنى و كشف الكروب و البلوى،
أما تعلم أن لكل أجل كتاب، و لكل زيادة بلية و كربة غاية منتهى و نفاد، لا يتقدم
ذلك و لا يتأخر، أوقات البلايا لا تقلب فتصير عوافي و وقت البؤس لا ينقلب نعيمه، و
حالة الفقر لا تستحيل غنى.
أحسن الأدب و الزم الصمت و الصبر و الرضا و الموافقة لربك عزّ و جلّ،
و تب عن تسخطك عليه و تهمتك له في فعله، فليس هناك استيفاء و انتقام من غير ذنب، و
لا عرض على الطبع كما هو في حق العبيد بعضهم في بعض، هو عزّ و جلّ منفرد بالأزل و
سبق الأشياء، خلقها و خلق مصالحها و مفاسدها و علم ابتداءها و انتهاءها و
انقضاءها، و هو عزّ و جلّ حكيم في فعله متقن في صنعه لا تناقض في فعله، لا يفعل
عبثا و لا يخلق باطلا لعبا، و لا تجوز عليه النقائص و لا اللوم في أفعاله، فانتظر
الفرج حتى إن عجزت عن موافقته و عن الرضا و الغنى في فعله حتى يبلغ الكتاب أجله،
فتسفر الحالة عن ضدها بمرور الزمان و انقضاء الآجال، كما ينقضي الشتاء فيسفر عن
الصيف، و ينقضي الليل فيسفر عن النهار، فإذا طلبت نور ضوء النهار و نوره بين العشاءين
لم تعطه، بل يزداد في ظلمة الليل حتى إذا بلغت الظلمة غايتها و طلع الفجر و جاء
النهار بضوئه طلبت ذلك و أردته و سكت عنه و كرهته، فإن طلبت إعادة الليل حينئذ لم
تجب دعوتك و لم تعطه لأنك طلبت الشيء في غير حينه و وقته فتبقى حسيرا منقطعا
متسخطا خجلا، فأرخ هذا كله و ألزم الموافقة و حسن الظن بربك عزّ و جلّ و الصبر
الجميل، فما كان لك لا تسلبه، و ما ليس لك لا تعطاه: لعمري إنك تدعو و تبتهل إلى
ربك عزّ و جلّ بالدعاء و التضرع و هو عبادة و طاعة امتثالا لأمره عزّ و جلّ في
قوله تعالى: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ
[غافر: الآية 60]، و قوله تعالى: وَ سْئَلُوا اللَّهَ
مِنْ فَضْلِهِ [النّساء: الآية 32] و غير ذلك من الآيات و الأخبار، أنت تدعو و هو
يستجب لك عند حينه و أجله إذا أراد و كان لك في ذلك مصلحة في دنياك و أخراك و
يوافق في ذلك قضاءه و انتهاء أجله، لا تتهمه في تأخير الإجابة و لا تسأم من دعائه،
فإنك إن لم تربح لم تخسر، و إن
نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر جلد : 1 صفحه : 99