responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر    جلد : 1  صفحه : 81

المقالة الثامنة عشرة في النهي عن الشكوى‌

قال رضي اللّه عنه: الوصية لا تشكونّ إلى أحد ما نزل بك من بلاء كائنا من كان صديقا أو عدوّا و لا تتهمنّ الرب عزّ و جلّ فيما فعل فيك و أنزل بك من البلاء، بل أظهر الخير و الشكر، فكذبك بإظهارك للشكر من غير نعمة عندك خير من صدقك في إخبارك جلية الحال بالشكوى، من الذي خلا من نعمة اللّه عزّ و جلّ؟ قال اللّه تعالى: وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها [إبراهيم: الآية 34] فكم من نعمة عندك و أنت لا تعرفها؟ لا تسكن إلى أحد من الخلق، و لا تستأنس به، و لا تطلع أحد على ما أنت فيه، بل يكون أنسك باللّه عزّ و جلّ و سكونك إليه و شكواك منه إليه لا ترى ثانيا، فإنه ليس لأحد ضر و لا نفع، و لا جلب و لا دفع، و لا عز و لا ذل، و لا رفع و لا خفض، و لا فقر و لا غنى، و لا تحريك و لا تسكين، الأشياء كلها خلق اللّه عزّ و جلّ بيد اللّه عزّ و جلّ، بأمره و إذنه جريانها، و كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى‌ [الرعد: الآية 2؛ فاطر: الآية 13؛ الزمر: الآية 5]، وَ كُلُّ شَيْ‌ءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ [الرعد: الآية 8]، لا مقدم لما أخّر، و لا مؤخّر لما قدّم، قال اللّه عزّ و جلّ: وَ إِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَ إِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ‌ (107) [يونس: الآية 107] فإن شكوت منه عزّ و جلّ و أنت معافى و عندك نعمة طالبا للزيادة و تعاميا عن ما له عندك من النعمة و العافية استهزاء بها، غضب عليك و أزالهما عنك، و حقق شكواك، و ضاعف بلواك، و شدد عقوبتك و مقتك و قلاك، و أسقطك من عينه، احذر الشكوى جدّا و لو قطّعت و قرض لحمك بالمقاريض.

إياك إياك ثم إياك، اللّه اللّه ثم اللّه، النجاة النجاة، الحذر الحذر، فإن أكثر ما ينزل بابن آدم من أنواع البلاء بشكواه من ربه عزّ و جلّ‌[1]. كيف يشتكي منه عزّ و جلّ‌ وَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ‌ [يوسف: الآيتان 64 و 92]، و خَيْرُ الْحاكِمِينَ‌ [الأعراف: الآية 87]، حَكِيمٍ خَبِيرٍ [هود: الآية 1]، رَؤُفٌ رَحِيمٌ‌ [التوبة: الآيتان 117 و 128؛


[1] - رواه الربيع في« مسنده»( 1/ 376)، و البزار في البزار( 1/ 412)، و عبد بن حميد في مسنده( 1/ 187)، و الطبراني في الأوسط( 3/ 232).

نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر    جلد : 1  صفحه : 81
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست