نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر جلد : 1 صفحه : 34
و عين الكبرى: تشاهد تجلّي أنوار الذّات في
عالم اللّاهوت، و هو القربة بنور التّوحيد الأحديّة. و حصول هذه المراتب للإنسان
بالموت، و قبل الموت بالفناء من البشريّة النّفسانيّة، و وصل العبد إلى ذلك العالم
بقدر الانقطاع من البشريّة النّفسانيّة.
و ليس معنى الوصول إلى اللّه تعالى من قبيل وصول الجسم إلى المجسم، و
لا العلم بالمعلوم، و لا العقل بالمعقول، و لا الوهم بالموهوم. فمعنى الوصول: بقدر
الانقطاع عن غيره بلا قرب و لا بعد و لا جهة و لا مقابلة و لا اتصال و لا انفصال.
فسبحان من في ظهوره و خفائه و تجلّيه و استتاره و في معرفته حكمة
عظيمة.
فمن حصّل ذلك المعنى في الدّنيا و حاسب نفسه قبل أن يحاسب فهو من
المفلحين، و إلّا فمستقبله عقوبات من عذاب القبر و الحشر و الحساب و الميزان و
الصّراط و غير ذلك من شدائد الآخرة.
الفصل الحادي عشر في بيان السّعادة و الشّقاوة
اعلم أنّ النّاس لا يخلو من هذين القسمين، و كذا هما يوجدان في إنسان
واحد. فإذا غلبت حسناته و إخلاصه تبدّلت جهة شقاوته إلى السّعادة- يعني: تبدّلت
نفسانيّته إلى روحانيّته- و إذا اتبع هواه انعكس الأمر، و إذا استوت الجهتان
فالرّجاء و الخير كما قال اللّه تعالى: مَنْ جاءَ
بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها ...
[الأنعام: الآية 160] فزاد به وضع الميزان لأجلهما؛ لأنّ تبدّل النّفسانيّة إلى
الرّوحانيّة بالكلّية، فلا حاجة إلى الميزان، فهو يجيء بغير حساب و يدخل الجنّة،
و كذا عكسه يدخل النّار بلا حساب. فمن ترجح حسناته دخل الجنّة بلا عذاب كما قال
اللّه تعالى: فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ (6) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ
راضِيَةٍ (7) [القارعة: الآيتان 6، 7].
و من ترجح سيئاته يعذّب بقدر جنايته، ثمّ يخرج من النّار إن كان له
إيمان و يدخل الجنّة.
و مرادنا من السّعادة و الشّقاوة معنى الحسنات و السّيئات يتبدل
أحدهما بالأخرى كما قال رسول اللّه 6: «السّعيد قد
يشقى، و الشّقيّ قد يسعد»[1]. فإذا غلبت
الحسنات يكون سعيدا، و إذا غلبت السّيئات يكون شقيّا، فمن