نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر جلد : 1 صفحه : 138
دلالة على الصانع و في القدرة المحكمة آية
على الحكيم؛ فإن الأشياء كلها موجودة به.
و في معناه ما ذكر عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في تفسير قوله تعالى: وَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ
جَمِيعاً مِنْهُ [الجاثية: الآية 13] فقال في كل شيء اسم من أسمائه و اسم كل شيء
من اسمه، فإنما أنت بين أسمائه و صفاته و أفعاله، باطن بقدرته و ظاهر بحكمته، ظهر
بصفاته و بطن بذاته حجب الذات بالصفات و حجب الصفات بالأفعال، و كشف العلم
بالإرادة و أظهر الإرادة بالحركات، و أخفى الصنع و الصنيعة و أظهر الصنعة
بالإرادة، فهو باطن في غيبه و ظاهر في حكمته و قدرته
لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ
[الشّورى: الآية 11].
و لقد أظهر في هذا الكلام من أسرار المعرفة ما لا يظهر إلا من مشكاة
فيها مصباح، أمره برفع يد العصمة اللهم فقهه في الدين و علمه التأويل، أنالنا
اللّه تعالى بركاتهم و حشرنا في زمرتهم و حرمتهم آمين.
المقالة الخامسة و السبعون في التصوّف و على أيّ شيء مبناه
قال رضي اللّه تعالى عنه و أرضاه: أوصيك بتقوى اللّه و طاعته، و لزوم
ظاهر الشرع و سلامة الصدر، و سخاء النفس، و بشاشة الوجه، و بدل الندى، و كف الأذى،
و تحمل الأذى و الفقر، و حفظ حرمات المشايخ و العشرة مع الإخوان، و النصيحة
للأصاغر و الأكابر، و ترك الخصومة. و الإرفاق، و ملازمة الإيثار و مجانبة الإدخار،
و ترك صحبة من ليس من طبقتهم، و المعاونة في أمر الدين و الدنيا.
و حقيقة الفقر أن لا تفتقر على من هو مثلك و حقيقة الغنى أن تستغني
عمن هو مثلك.
و التصوف ليس أخذ عن القيل و القال و لكن أخذ عن الجوع و قطع
المألوفات و المستحسنات، و لابتداء الفقير بالعلم و إبدائه بالرفق، فإن العلم
يوحشه و الرفق يؤنسه.