نام کتاب : حى بن يقظان نویسنده : ابن طفيل جلد : 1 صفحه : 93
و كتبه، و رسله، و اليوم الآخر، و جنته و
ناره، هي امثلة هذه التي شاهدها حي ابن يقظان. فانفتح بصر قلبه، و انقدحت نار
خاطره، و تطابق عنده المعقول و المنقول، و قربت عليه طرق التأويل، و لم يبق عليه
مشكل في الشرع الا تبين له، و لا مغلق الا انفتح، و لا غامض الا اتضح. و صار من
أولي الالباب. و عند ذلك نظر الى حي بن يقظان بعين التعظيم و التوقير. و تحقق عنده
انه من اولياء اللّه الذين لا خوف عليهم، و لا هم يحزنون[1].
فالتزم خدمته و الاقتداء به و الأخذ باشاراته فيما تعارض عنده من
الاعمال الشرعية التي كان قد تعلمها في ملته.
آسال يصف لحي شأن اهل جزيرته
و جعل حي بن يقظان يستفحصه عن امره و شأنه. فجعل آسال يصف له شأن
جزيرته و ما فيها من العالم؛ و كيف كانت سيرهم قبل وصول الملة اليهم؛ و كيف هي
الآن بعد وصولها اليهم. و وصف له جميع ما ورد في الشريعة من وصف العالم الإلهي، و
الجنة و النار، و البعث و النشور، و الحشر و الحساب، و الميزان و الصراط. ففهم حي
ابن يقظان ذلك كله؛ و لم ير فيه شيئا على خلاف ما شاهده في مقامه الكريم.
يتأكد حي من صدق رسالة النبي الذي اتى الى هذه الجزيرة، و يعتنق
مذهب اسال
فعلم ان الذي وصف ذلك، و جاء به، محق في وصفه، صادق في قوله، رسول من
عند ربه. فآمن به و صدقه، و شهد برسالته.
ثم جعل يسأله عما جاء به من الفرائض و وضعه من العبادات. فوصف له
الصلاة و الزكاة و الصيام و الحج و ما اشبهها من الاعمال الظاهرة. فتلقى ذلك و
التزمه؛ و اخذ نفسه بادائه، امتثالا للامر الذي صحّ عنده صدق قائله. الا انه بقي
في نفسه امران كان يتعجب منهما و لا يدري وجه الحكمة فيهما:
احدهما: لم ضرب هذا الرسول الامثال للناس في اكثر ما وصفه من امر
العالم الإلهي، و اضرب عن المكاشفة، حتى وقع الناس في امر عظيم من التجسيم، و
اعتقاد