responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حى بن يقظان نویسنده : ابن طفيل    جلد : 1  صفحه : 40

الافعال كلها، لا هذا الجسد العاطل. و ان هذا الجسد بجملته انما هو كالآلة لذلك، و بمنزلة العصا التي اتخذها هو لقتال الوحوش. فانتقلت علاقته عن الجسد الى صاحب الجسد و محركه، و لم يبق له شوق الا اليه.

كيف أتته فكرة دفن الجثة[1]

و في خلال ذلك نتن ذلك الجسد، و قامت منه روائح كريهة، فزادت نفرته عنه، وود ان لا يراه. ثم انه سنح لنظره غرابان يقتتلان، حتى صرع احدهما الآخر ميتا. ثم جعل الحي يبحث في الارض، حتى حفر حفرة، فوارى فيها ذلك الميت بالتراب.- فقال في نفسه: «ما احسن ما صنع هذا الغراب في مواراة جيفة صاحبه، و ان كان اساء في قتله اياه. و انا كنت احق بالاهتداء الى هذا الفعل بأمي». فحفر حفرة و ألقى فيها جسد امه، و حثا عليها التراب، و بقي يتفكر في ذلك الشي‌ء المصرف للجسد و لا يدري ما هو.

لم يجد شبيها له في هذه الجزيرة

غير انه كان ينظر الى اشخاص الظباء كلها فيراها على شكل امه، و على صورتها. فكان يغلب على ظنه ان كل واحد منها انما يحركه و يصرفه شي‌ء هو مثل الشي‌ء الذي كان يحرك امه و يصرفها. فكان يألف الظباء و يحن اليها لمكان ذلك الشبه.

و بقي على ذلك برهة من الزمان، يتصفح انواع الحيوان و النبات، و يطوف بساحل تلك الجزيرة، و يتطلب هل يرى او يجد لنفسه شبيها حسبما يرى لكل واحد من اشخاص الحيوان و النبات اشباها كثيرة. فلا يجد شيئا من ذلك. و كان يرى البحر قد احدق بالجزيرة من كل جهة، فيعتقد انه ليس في الوجود سوى جزيرته تلك.


[1] - قارن بين ذلك و ما جاء في القرآن سورة 5 آية 30 و ما بعدها:« فَبَعَثَ اللَّهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ. قالَ يا وَيْلَتى‌ أَ عَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ فَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ‌».

نام کتاب : حى بن يقظان نویسنده : ابن طفيل    جلد : 1  صفحه : 40
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست