نام کتاب : حى بن يقظان نویسنده : ابن طفيل جلد : 1 صفحه : 31
ثلاث قرارات، بينها حجب لطيفة و مسالك
نافذة، و امتلأت بمثل ذلك الهوائي الذي امتلأت منه القرارة الاولى، الا انه الطف
منه.
و سكن في هذه البطون الثلاثة المنقسمة من واحدة، طائفة من تلك القوى
التي خضعت له، و توكلت بحراستها و القيام عليها، و انهاء ما يطرأ فيها من دقيق
الأشياء و جليلها الى الروح الأول المتعلق بالقرارة الاولى.
و تكوّن ايضا بازاء هذه القرارة من الجهة المقابلة للقرارة الثانية
نفّاخة ثالثة، مملوءة جسما هوائيا، الا انه اغلظ من الاولين. و سكن في هذه القرارة
فريق من تلك القوى الخاضعة، و توكلت بحفظها و القيام عليها. فكانت هذه القرارة
الاولى و الثانية و الثالثة اول ما تخلّق من تلك الطينة المتخمرة الكبرى، على
الترتيب الذي ذكرناه.
قارن بين ذلك و ما ذكره الفارابي في (المدينة الفاضلة)
الفصل العشرين (في اجزاء النفس الانسانية و قواها). لقد ذكر ابن طفيل
في المقدمة انه اطلع على كتاب الفارابي.
و احتاج بعضها الى بعض: فالاولى منها حاجتها الى الأخريين حاجة
استخدام و تسخير، و الأخريان حاجتهما الى الاولى حاجة المرءوس الى الرئيس، و
المدبّر الى المدبّر، و كلاهما لما يتخلق بعدها من الاعضاء رئيس لا مرءوس.
واحدهما، و هو الثاني، اتم رئاسة من الثالث، فالاول منهما لما تعلق
به الروح، و اشتعلت حرارته، تشكل بشكل النار الصنوبري، و تشكل ايضا الجسم الغليظ
المحدق به على شكله، و تكوّن لحما صلبا، و صار عليه غلاف صفاقي يحفظه.
القلب
و سمي العضو كله قلبا، و احتاج لما يتبع الحرارة من التحليل و إفناء
الرطوبات الى شيء يمده و يغذوه، و يخلف ما تحلل منه على الدوام، و الا لم يطل
بقاؤه، و احتاج ايضا الى ان يحس بما يلائمه فيجتذبه، و بما يخالفه فيدفعه. فتكفل
له العضو الواحد بما فيه من القوى التي اصلها منه بحاجته الواحدة؛ و تكفل له العضو
الآخر بحاجته الاخرى.
نام کتاب : حى بن يقظان نویسنده : ابن طفيل جلد : 1 صفحه : 31