فصل [من ياخذ عنه الطالب]
و ليأخذ المتعلم حظّه ممن وجد طلبته عنده، من نبيه و خامل. و لا يطلب الصيت[1] فيتبع أهل المنازل، اذا كان النفع بغيرهم أعم.
اما اذا استوى الامران: فالاخذ عمن ارتفع ذكره و علا قدره أولى لان الانتساب اليه أجمل.
و اذا قرب العلم فلا يطلب ما بعد، و اذا سهل من وجه فلا يطلب ما صعب، و اذا حمد من خبره[2] فلا يطلب من لم يخبره.
فان العدول عن القريب الى البعيد عناء، و ترك الاسهل بالاصعب بلاء، و الانتقال عن المخبور الى غيره خطر.
فانه ربما تتبعت نفس الانسان من بعد، استهانة بمن قرب، و طلبت ما صعب، احتقارا لما سهل.
و انتقل الى من لم يخبره مللا ممن خبره، فلا يظفر بطائل، و لا يحصل على نائل.
و ربما راى بعد انتقاله الى الثاني، ثالثا، فانتقل اليه، و هكذا، و هذا من ضعف الرأي، و كثرة الطيش، لانه ربما لا يرتضي الثاني، او لا يرتضيه فيما
[1] الصيت: الذكر الحسن المنتشر بين الناس.
[2] اى استحسن من اختبر علمه.