و من بلاغة إيجاز القرآن فى بيانه أنه يذكر الشيء ليدل به على
تأثيره، أو الذى هو أحرى بالحكم منه، أو لكون امتثال الحكم الشرعى فيه داعيا إلى
امتثاله فى غيره بالمساواة، أو فى الأخروية.
و أجاز تعالى لولى اليتيم أن يتصرف فى ماله بالاستثناء فى قوله: (إلا
بالتى هى أحسن)، فيجوز له تنميته لليتيم بوجوه التجارة[1].
الولاية و الاستقلال:
الولاية على اليتيم و استقلاله حالتان، كلتاهما حق و خير، إذا كانت
كل واحدة منهما فى وقتها المناسب لها، و كل واحدة منهما تكون ظلما و شرا إذا كانت
فى غير وقتها المناسب لها، فلذا بين تعالى الحالتين و وقتهما بما قبل (حتى) و ما
بعدها؛ فوقت عدم بلوغ الأشد هو وقت الولاية.
حكم الولاية:
فمن الفروض الكفائية على الأمة أن يكون أيتامها مكفولين غير مهملين،
و وقت بلوغ الأشد- ببلوغ الحلم و الرشد- هو وقت استقلال من كان يتيما و وقت دفع
ماله إليه، فلا يجوز حينئذ الاستيلاء على ماله و السيطرة عليه.
(أوفى بعهده): إذا أتى بما التزم تاما وفيا، و العهد من عهد إليه
بالشيء، إذا أعلمه به، قال تعالى: وَ لَقَدْ عَهِدْنا
إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً (115) [طه:
115] أى: أعلمناه.
فالعهد هو الإعلام بالالتزام، أو الإعلام بما يلتزم:
فمن الأول: عاهدت زيدا على كذا، أى: أعلمته بالتزامى له، و تعاهد
القوم على الموت، أى: أعلم بعضهم بعض بالتزامه.
و من الثانى: عهد اللّه إلى العباد؛ أى: إعلامهم بما عليهم أن
يلتزموه.
و قال عبد اللّه بن عمر رضى اللّه عنه: «الدينار بالدينار، و الدرهم
بالدرهم، و لا فضل