الحمد للّه وحده، و الصلاة و السلام على من لا نبى بعده، و أشهد أن
لا إله إلا اللّه خلق الخلق وحده، و دبر الأمر كله، ما استعان بأحد، و ما شاركه فى
التدبير أحد، و لم يشاركه فى الخلق أحد.
و أشهد أن سيدنا و حبيبنا و شفيعنا محمدا رسول اللّه سيد الأولين و
الآخرين، و خير خلق اللّه أجمعين.
أما بعد ...
فى هذه الرسالة معالم توضح الطريق إلى اللّه حتى يتصل العبد بربه،
فسارعوا يا إخوانى إلى معرفة هذا الطريق، طريق اللّه
وَ سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ
الْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) [آل عمران: 133].
بداية الطريق
اعلم أخى الكريم، اعلمى أختى الكريمة، من أراد أن يكون فى أمن و أمان
فى الدنيا و الآخرة، فعليه باتباع الطريق الواحد تنفيذا لأمر اللّه حيث قال تعالى: وَ أَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَ لا
تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ
لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153) [الأنعام: 153] عرفنا اللّه أن
صراطه واحد، و سبيله واحد، أما السبل فكثيرة أى الطرق المفترقة المفترقة، فمن أراد
النجاة فلا يسلك إلا طريق اللّه تبارك و تعالى.
و عن عبد اللّه بن مسعود رضى اللّه عنه قال: خط رسول اللّه خطا بيده
ثم قال: هذا سبيل اللّه مستقيما، و خط عن يمينه و شماله ثم قال: هذه السبل ليس
منها من سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه[1].
و حتى لا نحيد عن سبيل المؤمنين المتبعين للهادى الأمين و المطيعين
لرب العاملين.
قال تعالى: وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ
جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا [آل عمران: 103].
و قال: وَ مَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ
فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (101) [آل عمران:
101].
قال شيخ الإسلام العلامة ابن القيم الجوزية:
و مدار السعادة الدنيوية و الأخروية: على الاعتصام باللّه، و
الاعتصام بحبله، و لا نجاة