قلت: و كيف يمكن ألا أضيف الشىء إلى نفسى و لم يعمل ذلك العمل غيرى؟
و لو لم أعلم أنى أنا الذى عملته ما عددته نعمة، و لا رجوت ثوابه من اللّه عز و
جل.
قال: أجل ليس العجب علمك بما عملت و علمت، و لكن الإضافة إلى نفسك
بالحمد لها و نسيان منّة المولى بذلك. فأما إذا علمت أن ذلك كان بمنّة اللّه عز و
جل، و أن نفسك لو تركتها و محبتها لركنت إلى خلاف ذلك، فتفرد اللّه عز و جل بالمنة
فى ذلك، فلست معجبا.
قلت: بين لى فرقا بين معرفتى أنّ العمل أنا عملته، و بين إضافتى
العمل إلى نفسى و حمدى إياها عليه.
قال: معرفتك بأنك عملته معرفة قائمة فى الطبع بالاضطرار، لا تقدر أن
تجحد أنك عملته، و لا تحتاج إلى ذكر ذلك، و لا مخاطبة نفسك به، و العجب ذكر هائج
تخاطبك به نفسك، و ينزع به عدوك، و ذلك أن يهيج استعظام عملك و استكثاره على أن
تقول فى نفسك: لقد قويت و صبرت، و تخلصت، أو جوّدت، أو جاهدت، أو فهمت؛ مستعظما
لذلك؛ فرحا من نفسك بقوتها، و نفاذ بصيرتها، معظما لها على ذلك، و قد تخاطبها بدون
ذلك فتقول: قرأت كذا، صليت كذا، لم أفطر منذ كذا، صمت فى يوم شديد