قال: إرادة العبد أن يعمل بمعنى من المعاني، إذا أراد أن يعمل ذلك
العمل لذلك المعنى، فتلك الإرادة نيّة إما للّه عزّ و جلّ و إما لغيره؛ لقول النبي
صلّى اللّه عليه و سلم:
«و إنما لامرئ ما نوى»[1]، لأنها
نيّة للمعنيين: نيّة أن يعمل العمل، و نيّة أن يعمله لمعنى من المعاني دنيا أو
آخرة، كالرجل يريد أن يعمل أو يريد أن يغزو للأجرة أو للذكر، و كذلك يريد أن يصلي
للثواب أو للحمد، لأن إرادة الصلاة أن يبتدئ بالتكبير ثم ينتصب قارئا ثم يركع ثم
يسجد ثم يرفع، و النيّة لثواب اللّه عزّ و جلّ أو للدنيا؛ إرادة منه أن يصلى ليؤجر
و أن يرضى اللّه عزّ و جلّ بها عنه، أو إرادة أن يحمد و يثني عليه فتلك النيّة.
فالنيّة في العمل للّه عزّ و جلّ أن يريد به ثواب اللّه عزّ و جلّ لا يريد غيره.
قلت: فأنا أريد أن أكون مخلصا، و أكون مصليا و صائما و مطيعا في كل
أمري.
قال: ذلك على وجهين: أحدهما، قد نويت أن تخلص و ألا تريد بشىء مما
تفعله إلا اللّه وحده، و نويت أن تقوم فتصلّي و أن تصبح صائما و ألا تعصي اللّه
عزّ و جلّ، و إن عرضت لك معصية ودعتها من خوف اللّه عزّ و جلّ، فتلك الإرادة التي هي
نيّة لك هي نيّة للّه عزّ و جلّ.