قلت: فأخبرني بالمرائين، و منازلهم، في عظم ريائهم، و شدته، و
أقدارهم فيه، و من أعظم الناس رياء عند اللّه عزّ و جل؟
قال: أعظم المرائين عند اللّه عزّ و جلّ رياء: من راءى بالإيمان، و
اعتقد التكذيب و الشك، أو الريب، و كذلك المنافق الذي ذكره اللّه عز و جل في غير
موضع من كتابه، فقال عزّ من قائل: وَ إِذا لَقُوكُمْ
قالُوا آمَنَّا وَ إِذا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ[1].
و قال عزّ و جلّ: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ
يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ يُشْهِدُ اللَّهَ عَلى ما فِي
قَلْبِهِ وَ هُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ. وَ إِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ
لِيُفْسِدَ فِيها الآية[2].
و قال تعالى: قالُوا نَشْهَدُ
إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ[3].
ثم كذبهم: لأنه ما ذلك بحقّ في قلوبهم، و اللّه عزّ و جلّ يعلم أن ما
قالوا حقّ: إنك رسوله، و هم كاذبون: ما يعتقدون ذلك في قلوبهم. و قال تعالى:
وَ لا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَ هُمْ كُسالى[4].