باب معرفة أن الرياء على وجهين أحدهما
أعظم، و الآخر أهون و كلاهما رياء
قلت: الرياء هذا الوجه وحده أم في غيره من الوجوه؟
قال: الرياء هو الإرادة وحدها، إلّا أنه على وجهين، أحدهما أعظم و
أشدّ، و الآخر أهون و أيسر و كلاهما رياء.
و إنما الوجه الذي هو أشدّ الرياء و أعظمه: إرادة العبد العباد بطاعة
اللّه عزّ و جل، لا يريد اللّه عز و جل بذلك، كما قال النبي صلّى اللّه عليه و
سلم: «ألا تعمل بطاعة اللّه تريد الناس»[1]،
و كما وصف الثلاثة: أنهم أرادوا الناس و لم يذكر أنهم أرادوا اللّه عز و جل، مع
إرادتهم لخلقه و ذلك عنده عظيم.
و كذلك يروى عن النبي صلّى اللّه عليه و سلم «أن المرائي ينادى يوم
القيامة على رؤوس الخلائق: يا فاجر، يا غادر، يا مرائى، ضلّ عملك، و حبط أجرك،
اذهب فخذ أجرك ممن كنت تعمل له»[2].
و قال في حديث الثلاثة أن النبي صلّى اللّه عليه و سلم خط على فخذ أبي
هريرة و قال:
«يا أبا هريرة أولئك أول خلق اللّه عز و جل، تسعر بهم نار جهنّم يوم
القيامة»[3]. فذلك
أعظم الرياء عند اللّه عز و جل.