قلت: قد وصفت لي مراقبة اللّه عزّ و جلّ و ذكره و الرعاية لحقوق
اللّه عزّ و جلّ و وجوه طلبها، و الأول من الواجب و الفضل، فما تخاف عليّ إن قمت
لذلك؟
قال: أخاف عليك أن تفسده بما يبطل ثوابه في آخرته و يذهب بحلاوته من
قلبك.
قلت: ذلك أعظم للحسرة، أن أتعنّى[1]
ثم يحبط و يبطل عملي، و ما ذاك المعنى؟
قال: فإن المتقي الراعي لحقوق اللّه عزّ و جلّ، القائم بها يبدل
أحواله حتى يظهر للخلق، فيظهر منه الصمت بعد طول الخوض فيما لا يعنيه و لا يحل له،
و تظهر منه المجانبة لمن كان يعصي اللّه عزّ و جلّ معه، و يظهر منه الأنس لمن يسلم
معه، و من يستفيد منه الخير، و يظهر منه الكلام فيما يجب للّه عز و جل عليه، و
يتقرب به إليه، و تسكت جوارحه و يخشع طرفه، و تعلوه السكينة و الوقار، فتظهر منه
الطاعات، فعند ذلك تعلم النفس أن ما ظهر منها لعباد اللّه عزّ و جلّ، لن يمتنعوا
أن يحمدوا فعله و يعظّموه بذلك، و يروا له الفضل و القدر، و تعلم النفس أن ما بطن
منه و أسرّه لو ظهر لحمد ذلك منه و فضّل به، فتطلب النفس الراحة إلى التزيّن
بالدين بما ظهر و بما أسرّ أن يكون محمودا معظما، ليكون