باب ما يجب أن يلزم القلب عند معرفة النفس
و معرفة الخلال التي يكون عنها نقص العزم عن الطاعة و الاهتمام بالتيقظ و الحذر
بتصحيح التوبة
قلت: و ما الذي هو أولى به بعد ذلك أن يلزمه قلبه؟
قال: يعلم أن للّه عزّ و جلّ محنا فيما يستقبل من عمره، و أن عدوه لم
يمت، و أن طبعه قائم لم ينقلب و لم يحل[1]،
و أن الدنيا بزينتها و مكروهها لم تفن، و أنه لن ينال القيام برعاية حقوق اللّه
عزّ و جلّ، مع هذه الأسباب المزلّة المفتنة إلا بالتيقظ من الغفلة، و الذكر من
النسيان، و أن ذلك لا يجتلب إلا بالاهتمام و الحذر.
قلت: الاهتمام بماذا؟
قال: الاهتمام بالوفاء بعزمه، و الحذر لنقض عزمه.
قلت: و ما الذي ينقض عزمه فيكون له حذرا، فيلزم قلبه الحذر له؟
قال: أن يلزم قلبه الحذر لست خلال، و بهن ينقض عزمه، و هي التي تزيله
عن الوفاء بعزمه لربه جلّ و عزّ، و بتركهن يكون الوفاء بعزمه لربه جلّ و عزّ:
فإحداها: أن يحذر أن يعود إلى ذنب قد عزم على تركه؛ حذرا أن تغلبه
نفسه بهواها عند غفلته و نسيانه، فيعود فيها لما هاج من شهوة لذّته؛ لأن العبد