إلى اللّه بإذنه و سراجا منيرا، و أمده ربه
بالمعجزات الباهرة[1]، و الآيات
البينة التي تؤيد صدقه، و لم يقو أحد من معانديه على إبطال براهينه، و لائل حججه
مع كثرة المعاندين و توافر الوسائل لديهم، و تمكنهم، من كل ما ينيلهم ما يبتغون،
فقامت له الكلمة عليهم و دحضت مفترياتهم، فمرة قالوا إنه ساحر، و مرة قالوا إنه
شاعر، و أخرى قالوا إنه يتلو أساطير الأولين اكتتبها فهي تملي عليه بكرة و أصيلا.
و هم في كل ذلك كاذبون مجادلون بالباطل بعدما تبين لهم الحق، و قد
هدى اللّه به للإيمان قوما أخلصوا للّه فنجوا و فازوا، و أضل آخرين بكفرهم و
عنادهم فباؤا بالخزي[2] و العذاب
الأليم.
و لو أطاعوه لما أصابهم ما لحقهم من الذل و الهوان بالفشل و الهزيمة
في الحرب تارة؛ و القتل و الأسر تارة أخرى، و بالعجز المبين عن أن يقفوا في سبيل
دعوته و يمنعوا انتشارها، في أقطار المعمورة؛ و يحولوا دون دخول الناس في دين
اللّه أفواجا؛ و ما كان عنادهم و لا مجادلتهم عن يقين يعتقدونه و لا شبه، لم يجل
الشك عنها و لكن تكبرا و عتوا[3]. مخافة أن
تزول عنهم مناصب توارثوها. و مظاهر تخيلوا أن العز و المجد في المحافظة عليها.
فشبه الرسول صلى اللّه عليه و سلم حاله و حالهم بالمنذر المخوف الذي
بدت عليه جميع إمارات الصدق و جاء يحذر قومه غارة العدو المهلكة فأسرع إلى تصديقه
طائفة و استعدت للنجاة فنجت في سعة من الوقت و فازت؛ و تباطأت في تصديقه طائفة
غرتهم الأماني.
و لم يتخذوا لأنفسهم الحيطة من عدو قوي و جيش جرار حتى صبحهم العدو و
أغار عليهم فأهلكهم و لم يبق منهم أحدا.
126- باب: محاسبة الوالي لعماله و التشديد عليهم
عن أبي حميد الساعدي قال: استعمل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم
ابن اللتبية على