و يؤخذ بيد العاصي فينصب على رؤوس الناس؛ و
ينادي مناد هذا فلان ابن فلان، فمن كان له حق فليأت، فيأتون.
فيقول الرب: آت هؤلاء حقوقهم، فيقول يا رب فنيت الدنيا فمن أين
أوتيهم؟
فيقول للملائكة خذوا من أعماله الصالحة فأعطوا كل إنسان بقدر طلبته،
و قد روي أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: «أتدرون من المفلس؟»، قالوا:
«المفلس فينا من لا درهم له و لا متاع»، فقال: «إن المفلس من يأتي يوم القيامة
بصلاة و صيام و زكاة و قد شتم هذا، و قذف هذا، و أكل ما لهذا، و سفك دم هذا، و ضرب
هذا؛ فيعطي هذا من حسناته و هذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه
أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار». [رواه الإمام مسلم[1]].
121- باب: في بطانة الخير و بطانة الشر
عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه و سلم
قال: «ما بعث اللّه من نبّي و لا استخلف من خليفة إلّا كانت له بطانتان! بطانة
تأمره بالمعروف و تحضّه عليه؛ و بطانة تأمره بالشّرّ و تحضّه عليه فالمعصوم من عصم
اللّه تعالى». [رواه البخاري[2]].
اللغة:
البطانة: خاصة الرجل، الذين يبطنون أمره و يخصهم بمزيد التقريب يسمى
به الواحد و الجمع. يقال: بطن فلان بفلان يبطن به بطونا و بطانة، إذا كان خاصا به
داخلا في أمره تحضه عليه: ترّغبه فيه و تحببه إليه.
الشرح:
من ولي أمور الناس و مهامهم فقد تعرض لخطير العظائم، و حمل جسيمات
الأمور، و صار مرهوب البطش مأمول النوال[3]،
و من شأن ذلك أن يترقب الناس أحواله. و يطرقون أبوابه، كل يبغي عنده الزلفى. و لهم
في ذلك مارب شتى و هم في ذلك فريقان: فريق ناصح يبصره بمعايب الأمور و نقائص
الأعمال، و يرشده
[1] - رواه مسلم في كتاب: البر و الصلة الآداب، باب:
تحريم الظلم( 6522).
[2] - رواه البخاري في كتاب: الأحكام، باب: بطانة
الإمام و أهل مشورته( 7198).