العجز و الكسل شر ما يبتلى بهما المؤمن
أدركت أنهما داء وبيل[1] من أصيب
بهما خَسِرَ الدُّنْيا وَ الْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ
الْمُبِينُ[2].
هذا و مجانبة العجز تكون بمجانبة أسبابه فلا يعمل الإنسان عملا شاقا أو يأتي أمرا
خطيرا من شأنه أن يذهب ببعض أعضائه العاملة، أو يسلبه القدرة و يجعله من العجزة
الذين لا يستطيعون حيلة و لا يهتدون سبيلا فالذي يجهد نفسه و يحمّلها فوق طاقتها و
لا يعطيها قسطها من الراحة و حظها من الطعام و الشراب الحلال الطيب، و الذي لا
يداوي علل جسمه و يترك الدواء لمرارته أو يبخل عن نفسه بأجر طبيب أو بثمن دواء هو
ساع نحو العجز جان على نفسه شر جناية و من يتعوذ باللّه من العجز و هو سائر نحوه
في أحد هذه الطرق فإنه يطلب ما لا يجد و يقول ما لا يفعل
كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ[3] و أما
الكسل فمجانبته تكون بتقوية الإرادة و معاشرة المجدين العاملين و مباشرة الأسباب و
استشارة لذة العمل و حلاوة بلوغ الآمال و تمثل الخيبة و الفشل، و معرفة أن المجد
في العمل و المغامرة، و التعس في الكسل و ملازمة الراحة.
و الخامس و السادس: الجبن و البخل.
و الأول: شح بالنفس، و الثاني: شح بالمال.
فالذي يبخل بنفسه عن بذلها في سبيل الدين، في سبيل إقامة معالم الحق،
في سبيل حفظ البلاد ورد عادية المعتدين عليها و المنتهكين حرمتها و السالبين
حقوقها، و القاسرين[4] أهلها،
على الذل و الاستعباد، و المستبدين بهم شر الاستبداد؛ الذي يبخل بنفسه عن بذلها في
هذه السبل، المذللة طريق الكرامة و العزة، الموطدة[5]
للشرف و الرفعة، الذي يبخل عن ذلك يميت نفسه، و يشتري نحسه[6]،
لأنه إن حيي جسمه فقد ماتت روحه، ماتت نفسه العالية، و ذهبت حياته الطيبة، و كم من
حي بين الناس هو في عداد الأموات و كم من ميت في عداد الأحياء وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ
أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ. فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ
اللَّهُ مِنْ