فإن رأيت في المتسمين بالإسلام من ينطلق
لسانه بالشتائم و يخوض في الأعراض و ينطق بالهجر فهذا ناقص الإيمان لم تملأ
العقيدة قلبه بل لا زال فيه حظ للشيطان فينطق على لسانه بالكلمات البذيئة و
العبارات المستهجنة[1].
و الحديث يبين أن الأخلاق لها مكانة عالية في الإيمان و أن من لم
يحسن خلقه و يتأدب لسانه ضعيف الإيمان أو ناقصه و إن صام و صلّى و حج و زكى فلا
يتم للمرء إيمان إلا إذا قام بكل ما أمر اللّه من عبادات و أخلاق و حسن معاملة
للناس. و اللّه يقول في حق رسوله صلى اللّه عليه و سلم
وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ[2].
86- باب: الكيّس و العاجز
عن شدّاد بن أوس رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و
سلم: «الكيّس من دان نفسه و عمل لما بعد الموت و العاجز من أتبع نفسه هواها و
تمنّى على اللّه الأماني». [رواه الترمذي و أحمد و الحاكم و ابن ماجه[3]].
اللغة:
الكيّس: العاقل المتبصر في الأمور الناظر في العواقب و قد كأس يكيس
كيسا، و الكيس: العقل. و دان نفسه: قهرها و أذلها، و الهوى: ميل النفس إلى الشهوة.
قيل سمّي بذلك لأنه يهوي بصاحبه في الدنيا إلى كل داهية و في الآخرة إلى الهاوية.
و الأماني: جمع أمنية و هي: ما يتخيله الإنسان فيقدر وقوعه من لذائذه و شهواته و
بعبارة أخرى ما يتمناه الإنسان.
الشرح:
ما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل
وَ إِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ[4].