حرّم اللّه عليه الجنة». [روى ذلك البخاري و
مسلم[1]].
اللغة:
الرعية: ما يرعاه المرء و يحفظه. و يسوسه و يدبره، و استرعاه الرعية
طلب منه رعايتها و حفظها؛ و النصح: تحري الأقوال و الأفعال؛ التي فيها صلاح
المنصوح؛ و هذا أثر الإخلاص له. فالنصح: من ناصح العمل أي خالصه، و حاطه يحوطه
كلأه و صانه، و الإسم الحياطة. و أحاط به مثله و غشه، أظهر له غير ما أضمره و زين
له غير المصلحة.
الشرح:
الرعية أمانة في يد الراعي، يجب عليه القيام بحفظها، و حسن التعهد
لها، و العمل لمصلحتها، فمن ولاه اللّه شؤون الخلق من ملك و أمير، و رئيس و وزير و
مدير و مأمور ... إلخ. يجب عليه أن يحوطهم بنصحه. و يخلص لهم في حكمه، فيكون لهم
كما يكون لنفسه، يحب العدل معه و الصدق فليكن معهم عادلا. و في معاملتهم صادقا،
يحب لنفسه السلامة و العافية، و العلم و الثروة، فليعمل على سلامتهم من الأمراض، و
وقايتهم من الأضرار و ليقم بينهم دور العلم، و يسهّل السبل[2]
إليه، و لينمّ ثروتهم، بالجد في ترقية الصناعة، و إقامة التجارة، و تحسين الزراعة،
يجب الأمن على نفسه، و ماله و عرضه، فليكن لنفوسهم واقيا. و لمالهم راعيا و لعرضهم
صائنا، فيضرب على أيدي المفسدين بيد من حديد. لا يحركها إلا التربية و التأديب،
يحب لنفسه مجدا و علوا.
فليعمل لمجدهم و عزتهم. و شرفهم و كرامتهم. و بعبارة و جيزة: ليفرض
نفسه واحد منهم و ليعاملهم بما يحب أن يعامل به، و قد بين الرسول صلى اللّه عليه و
سلم أن من لم يحط رعيته بنصحه، و لم يحفظها بقوله و فعله بل كان فيها الحاكم
الخامل، أو الوالي الظالم، أو الراعي الغاش. الذي يعطي من طرف اللسان حلاوة، و
قلبه مفعم بالعداوة، يتظاهر بالجد في المصلحة. و هو يضمر المفسدة، يبدو للناس
الشاب العابد، و الورع القانت و بين جنبيه لئيم ماكر، و عدو غادر- من كان كذلك إذا
استمر على غشه و لم يرعو عن غيه؛ حتى بغتته المنية حرّم اللّه عليه الجنة. فلا
يدخلها.
[1] - رواه البخاري في كتاب: الأحكام، باب: من استرعى
رعية فلم ينصح( 7150) و( 7151).
و رواه مسلم في كتاب: الإيمان،
باب: استحقاق الوالي الغاش لرعيته النار( 361).
[2] - السّبل: جمع السبيل: السبب و الوصلة أو الطريق.