لأمتي ما حدثت به أنفسها. ما لم تعمل به أو
تتكلم»[1].
و قد احتج بالحديث من لم ير القتال في الفتن. كسعد بن أبي وقاص.
و عبد اللّه بن عمر، و محمد بن مسلمة، و أبي بكرة، و غيرهم، ممن لم
يتدخلوا في الشجار الذي كان بين عليّ و شيعته، و عائشة و أنصارها.
و قدمنا لك واجب المسلمين في الفتن، الذي أمر به القرآن في جلاء لا
غموض فيه. و هو الإصلاح بين الطائفتين المتقاتلتين فإن أبتا الصلح. أو أبته
إحداهما فواجب قتال التي تبغي حتى تفيء إلى أمر اللّه.
و بعد: فالحديث ينعى[2] على
المسلمين ما بينهم من شجار. و ما يقوم بين أممهم من حروب. لا باعث عليها إلا
الاستئثار بالملك. و التعصب للجنس. دون الانتصار للحق. و لقد شربت هذه الحروب من
دماء المسلمين عبّا حتى أضعفت شوكتهم و زلزلت سلطانهم، و طأطأت رؤوسهم لخصومهم، و
أخضعت رقابهم لسيوفهم. فانتقصوا بلادهم من أطرافها، بل جاسوا خلالها[3] و أصبحت لهم الكلمة في أكثرها. فهل
من مدّكر؟ لقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر.
76- باب: نعمة القرآن و المال
عن أبي هريرة أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: «لا حسد إلّا
في اثنتين: رجل علّمه اللّه القرآن، فهو يتلوه آناء الليل، و آناء النّهار فسمعه
جار له، فقال:
ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان، فعملت مثل ما يعمل، و رجل آتاه اللّه
مالا، فهو يهلكه في الحقّ، فقال رجل ليتني أوتيت مثل ما أتي فلان فعملت مثل ما
[1] - رواه البخاري في كتاب: الأيمان و النذور، باب:
إذا حنث ناسيا في الأيمان( 6664).
و رواه مسلم في كتاب: الإيمان،
باب: تجاوز اللّه عن حديث النفس و الخواطر بالقلب إذا لم تستقر( 328).