عن عبد اللّه بن عمر عن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم قال: «إنّ
الغادر يرفع له لواء يوم القيامة، يقال: هذه غدرة فلان ابن فلان». [رواه الشيخان[1]].
اللغة:
الغدر: الإخلال بالشيء و تركه. و يقال: لترك العهد و عدم الوفاء به.
و اللواء: العلم و الراية. و لا يمسكها إلا صاحب الجيش.
الشرح:
قال تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
أَوْفُوا بِالْعُقُودِ[2]، و قال: وَ أَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ
الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا[3]، و قال: وَ أَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذا
عاهَدْتُمْ وَ لا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَ قَدْ جَعَلْتُمُ
اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ[4].
المؤمن صادق القول، و في العهد، ليس الغدر من شيمته لأنه يخل بنظام
الحياة، و يفسد على المرء تدبيره لمصلحته؛ و هو ضرب[5]
من الكذب. و الكذب رأس النفاق. و إضرار بمن عاهده. و لا ضرر و لا ضرار.
و قد بيّن الرسول صلى اللّه عليه و سلم في هذا الحديث أن الغادر يشهر
به على رؤوس الأشهاد يوم القيامة حيث العالم كله مجتمع، فينصب له لواء، و يرفع له
علم في الموقف بحيث تراه العيون. و يقال: هذه غدرة فلان بن فلان؛ تشنيعا[6] عليه و تقبيحا و توبيخا له و
تعذيبا؛ و تصور أنك في حفلة جامعة. و أنك بين يدي مليك؛ ثم نادى مناد هذا فلان
المجرم؛ هذا الذي غدر؛ هذا الذي كذب؛ ألا تكاد تصعق[7]
من هذه النسبة، فإن كانت كاذبة فما بالك بها و إن كانت صادقة؟ فإذا كان هذا هو
الأثر في مجتمعاتنا
[1] - رواه البخاري في كتاب: الأدب، باب: ما يدعى الناس
بأبائهم( 6177).
و رواه مسلم في كتاب: الجهاد،
باب: تحريم الغدر( 4504).