و بحبه عن حب ما سواه و بخشيته عن خشية ما
سواه و بطاعته عن طاعة ما سواه و بالتوكل عليه عن التوكل على ما سواه. فهذا تحقيق
توحيد اللّه وحده لا شريك له و هو الحنيفية ملة ابرهيم و يدخل فى هذا ان يفنى عن
اتباع هواه بطاعة اللّه فلا يحبّ الا للّه و لا يبغض إلا للّه و لا يعطى إلا للّه
و لا يمنع إلا للّه. فهذا هو الفناء الدينى الشرعى الذى بعث اللّه به رسله و انزل
به كتبه. و من قال «فارفع بحقك انيى من البين» بمعنى ان يرفع هوى نفسه فلا يتبع
هواه و لا يتوكل على نفسه و حوله و قوته بل يكون علمه للّه لا لهواه و عمله باللّه
و بقوته لا بحوله و بقوته كما قال اللّه تعالى
إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ فهذا
حقّ محمود ...»
و قال صدر الدين محمد بن ابراهيم الشيرازى فى كتاب الاسفار الاربعة
(طبعة حجر طهران ج 1 ص 26 سطر 17) ما هذا نصه: لا يمكن للمعلومات مشاهدة ذاته الا
من وراء حجاب او حجب ... و هذا لا ينافى الفناء الذى ادعوه فانه انما يحصل بترك
الالتفات الى الذات و الاقبال بكلية الذات الى الحق فلا يزال العالم فى حجاب
تعيّنه و انيته عن ادراك الحق لا يرتفع ذلك الحجاب عنه بحيث لم يصر مانعا عن الشهود
و لم يبق له حكم و ان امكن ان يرتفع تعيّنه عن نظر شهود لكن يكون حكمه باقيا كما
قال الحلاج «بينى و بينك انىّ ينازعنى فارفع بلطفك انيى من البين»
51 (53 اولى) [و عن الحسين بن حمدان]
ق 59- 60، ت 44، س 14، ل 339**. راجع ديوان 107
و عن الحسين بن حمدان قال: دخلت على الحلّاج يوما فقلت له:
أريد أن أطلب اللّه، فأين أطلبه. فاحمرّت وجنتاه و قال: الحق تعالى
عن الأين و المكان، و تفرّد عن الوقت و الزمان، و تنزّه عن القلب و الجنان،