حكمة النبي
صلّى اللّه عليه و اله الستر عليهم و معاملتهم معاملة أهل الدين ...؟!
و
أخيرا قال: يا للعجب من قوم يزعمون سلامة الأحاديث و بقائها محفوظة، و هي دائرة
على الألسن و منقولة في الكتب، في مدّة ألف و مائتي سنة، و أنّها لو حدث فيها نقص
لظهر و استبان و شاع، لكنّهم يحكمون بنقص القرآن، و خفي ذلك في جميع الأزمان.
2-
جانب تواتر القرآن
من
الدلائل ذوات الشأن الداحضة لشبهة التحريف هي مسألة «ضرورة كون القرآن متواترا» في
مجموعه و في أبعاضه، في سوره و آياته، حتى في جمله التركيبية و في كلماته و حروفه،
بل و حتّى في قراءته و هجائه، على ما أسلفنا في بحث القراءات. و قلنا:
إنّ
الصحيح من القراءات هي القراءة المشهورة التي عليها جمهور المسلمين، و قد انطبقت
على قراءة عاصم برواية حفص.
و
إذا كان من الضروري لثبوت قرآنية كلّ حرف و كلمة و لفظ أن يثبت تواتره منذ عهد
الرسالة فإلى مطاوي القرون و في جميع الطبقات، فإنّ هذا ممّا يرفض احتمال التحريف
نهائيا، لأنّ ما قيل بسقوطه و أنّه كان قرآنا يتلى إنّما نقل إلينا بخبر الواحد، و
هو غير حجّة في هذا الباب، حتّى و لو فرض صحّة إسناده.
إذن
فكلّ ما ورد بهذا الشأن- بما أنّه خبر واحد- مرفوض و مردود على قائله.
و
هكذا استدلّ آية اللّه جمال الدين أبو منصور الحسن بن يوسف ابن المطهّر العلّامة
الحلّي (ت 726) في كتابه «نهاية الوصول إلى علم الاصول».
قال
رحمه اللّه: اتّفقوا على أنّ ما نقل إلينا متواترا من القرآن فهو حجّة- و استدلّ
بأنّه سند النبوّة و معجزتها الخالدة فما لم يبلغ حدّ التواتر لم يمكن حصول القطع
بالنبوّة- قال:
و
حينئذ لا يمكن التوافق على نقل ما سمعوه منه- على فرض الصحّة- بغير تواتر، و الراوي
الواحد إن ذكره على أنّه قرآن فهو خطأ، و إن لم يذكره على أنّه قرآن كان متردّدا