نام کتاب : التمهيد في علوم القرآن - ط مؤسسة النشر الإسلامي نویسنده : المعرفت، الشيخ محمد هادي جلد : 1 صفحه : 40
الحاضرة،
آلات البدن ما دام قيد هذا الجسد، فكلّما كان البدن أكمل و أنشط كان العمل به ايسر
و أتمّ.
3-
الإنسان و ظاهرة الإدراك:
الإنسان
في داخل وجوده ذو طاقة جبّارة، تختلف تماما عن قواه الجسديّة المحدودة. إنّه في
جانب عقليّته يذهب الى أبعاد شاسعة لا نهاية لها، و يتحلّق في أجواء لا أمد لها،
كما و ينطلق الى ما وراء المادّة و الى آفاق واسعة، انطلاقة لا وقفة لها عند حدّ.
إنّه
يدرك، و ظاهرة الإدراك ذاته ظاهرة غير ماديّة، إذ لا يوجد فيها أيّ خاصيّة من
خواصّ المادّة إطلاقا، إنّها لا تقبل انقساما الى أبعاد ثلاثة. و لا تحمل ثقلا و
لا هي محدودة بالجهات.
إنّه
يدرك، و قسم من مدركاته تفوق حدود المادّة في جميع أبعادها و مميّزاتها بصورة
مطلقة: إنّه يدرك معاني كليّة ليست تتحقّق خارجيا البتة. إنّه يفهم ملازمات
عقليّة، و الملازمة ذاتها لا وجود لها سوى طرفيها اللازم و الملزوم. إنّه يعلم
بأمور غائبة عن الحسّ. و يفكّر في شئون ما وراء الإحساس.
و
بكلمة جامعة: الإنسان يعرف، و المعرفة في كيان الإنسان ظاهرة غير ماديّة، في حين
أنّ اللاماديّ لا يقوم بماديّ، فأين محلّها من وجود الإنسان؟
و
نتيجة على ذلك نعترف- بالضرورة من بديهة العقل- أنّ وراء وجود هذا الإنسان الجسدي
الظاهر، وجودا آخر لا مادّي، هو «النفس» الذي تقوم به ظاهرة الإدراك، و مجال النفس
أوسع من المادّة بنسبة فائقة.
و
توضيحا لهذا الجانب النفسي من ظاهرة الإدراك نقول:
قد
تنعكس في ذهنية الإنسان- عند ما يواجه منظرا طبيعيا- صورة منطبقة مع الواقع تمام
الانطباق في جميع أبعادها و سماتها، من حركة و لون و زهور و أشجار، و جبال و
أنهار، و أبعاد و أغوار. و تتجلّى هذه الصورة بنفس الأبعاد و السمات
نام کتاب : التمهيد في علوم القرآن - ط مؤسسة النشر الإسلامي نویسنده : المعرفت، الشيخ محمد هادي جلد : 1 صفحه : 40