نام کتاب : التمهيد في علوم القرآن - ط مؤسسة النشر الإسلامي نویسنده : المعرفت، الشيخ محمد هادي جلد : 1 صفحه : 358
ربّما كان
يحصل اشتباه في النقل أو خلط في السماع، ما دام الإنسان هو عرضة للنسيان، و
الاشتباه حليفه مهما دقّق في الحفظ، لو لم يقيده بالكتابة. و من ثم قيل: ما حفظ
فرّ و ما كتب قرّ.
أضف
الى ذلك تخلخل الأمم غير العربيّة في الجزيرة و تضخّم جانبهم مطردا مع التوسعة في
القطر الإسلامي العريض. فكان على أعضاء المشروع المصاحفي في وقته أنّ يفكروا في
مستقبل الامّة الإسلامية، و يضعوا علاجا لما يحتمل الخلل في قراءة القرآن قبل
وقوعه. و لكن أنّى و روح الإهمال و التساهل كان مسيطرا تماما على المسئولين آنذاك.
هذا
.. و قد أغرب ابن الجزري، فزعم أنّ المسئولين آنذاك تركوا وضع العلائم عن عمد و عن
قصد، لحكمة! قال: و ذلك ليحتمل الخطّ ما صحّ نقله و ثبتت تلاوته عن النبي (صلى
اللّه عليه و آله) إذ كان الاعتماد على الحفظ و السماع لا على مجرد الخطّ[1].
و
وافقه الزرقاني على هذا التبرير المفضوح، قال: كانوا يرسمونه بصورة واحدة خالية من
النقط و الشكل، تحقيقا لهذا الاحتمال[2].
لكن
لا مجال لهذا التبرير بعد أن نعلم أنّ الخطّ عند العرب حينذاك كان بذاته خاليا عن
كلّ علامة مائزة. و كان العرب هم في بداءة معرفتهم بالخطّ و الكتابة، فلم يكونوا
يعرفون من شئون الإعجام و التشكيل و سائر العلائم شيئا، لحدّ ذاك الوقت.
نشأة
الخطّ العربيّ:
ليس
في آثار العرب بالحجاز ما يدلّ على معرفتهم بالكتابة، إلّا قبيل الإسلام. و السبب
في ذلك أنّ العرب كان قد غلب على طباعهم البداوة،