نام کتاب : التمهيد في علوم القرآن - ط مؤسسة النشر الإسلامي نویسنده : المعرفت، الشيخ محمد هادي جلد : 1 صفحه : 32
وقفة عند
مسألة الوحي
و بعد
.. فإنّ الوحي- الوحي الرسالي- في واقعه: اتصال روحي بما وراء المادة، يحصل
للأنبياء بداعي الرسالة، فيحملون رسالة اللّه الى الناس في وعي و أمانة و إخلاص.
أمّا
و كيف يحصل هذا الاتصال الروحي، و ما هي مقوماته و ما هي عناصره الأوّليّة، فهذا
أمر خفي علينا، نحن العائشين على الأرض، و لا نملك سوى أحاسيس مادية و معايير
ماديّة، لا تمكننا فهم حقائق هي فوق المادة و ما وراء المادّة.
و
هذا الخفاء من جهة قصورنا الذاتي، دعى ببعض المتشاكسين إنكار النبوّات من رأس،
متذرّعين بحجة تباعد ما بين العالمين، العالم العلوي و العالم السفلي، ذاك ناصع
بيضاء لطيف، و هذا منكدر ظلماء كثيف، و إذ لا رابط بين نور و ظلمة، و لا صلة بين
لطيف و كثيف، فلا علقة تربط أحد العالمين بالآخر. لكن إذا ما عرفنا من هذا الإنسان
وجودا برزخيا ذا جانبين، هو من أحدهما جسمانيّ كثيف، و فيه خصائص المادّة السفلى. و
من جانبه الآخر روحانيّ لطيف، و هو ملكوتيّ رفيع، لم يكن موقع لهذه الشبهة رأسا.
الإنسان
وراء شخصيّته هذه الظاهرة، شخصيّة اخرى باطنة، هي التي تؤهله- أحيانا- للارتباط مع
عالم روحاني أعلى، إذ كان مبدؤه منه و إليه منتهاه:
«إِنَّا
لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ»[1]
هذا هو واقع الإنسان الحقيقي، ذو التركيب المزدوج