و
كذا ترتيب الآيات ضمن السور، و اكتمالها على أعداد متفاوتة من الآيات شيء حصل على
عهده (صلى اللّه عليه و آله) و بأمره الخاصّ ليس لرأي سواه مدخل فيه و لم تمسّه يد
سوء أبدا .. «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ
..»[2].
نعم
بقي ترتيب السور أمرا مؤجّلا الى ما بعد وفاته (صلى اللّه عليه و آله) حيث انقطاع
الوحي و عدم ترقّب نزول سورة اخرى أو آيات .. و إليك التفصيل:
نظم
كلماته:
لا
شكّ أنّ العامل في نظم كلمات القرآن و صياغتها جملا و تراكيب كلاميّة بديعة، هو
الوحي السماويّ المعجز، لم يتدخل فيه أي يد بشريّة إطلاقا. كما و لم يحدث في هذا
النظم الكلمي أي تغيير أو تحريف عبر العصور: «إِنَّا
نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ» إذ في ذلك
يتجسّد سرّ ذلك الإعجاز الخالد، الذي لا يزال يتحدّى به القرآن الكريم. و لمزيد
التوضيح نعرض ما يلي:
اوّلا:
إسناد الكلام الى متكلّم خاصّ يستدعي أن يكون هو العامل في تنظيم كلماته و تنسيق
اسلوبه التعبيري الخاصّ. أمّا إذا كان هو منتقيا كلمات مفردة و جاء آخر فنظّمها في
اسلوب كلاميّ خاصّ، فإنّ هذا الكلام ينسب الى الثاني لا الأوّل. و هكذا القرآن
المجيد هو كلام اللّه العزيز الحميد، فلا بدّ أن يكون الوحي هو العامل الوحيد في
تنظيم كلماته جملا و تراكيب كلاميّة بديعة، أمّا نفس الكلمات من غير اعتبار التركيب
و التأليف فكان العرب يتداولونها ليل نهار، إنّما الإعجاز في نظمها جاء من قبل وحي
السماء.