و قال عبد الله
الجرهمي و كان من المعمرين تبعت يوما جنازة فخنقتني العبرة فأنشدت شعرا-
يا قلب إنك في الدنيا لمغرور
فاذكر و هل ينفعن اليوم تذكير
فبينما المرء في الأحياء مغتبطا
إذ صار في الرمس تعفوه الأعاصير
يبكي الغريب عليه ليس يعرفه
و ذو قرابته في الحي مسرور
فاسترزق الله خيرا ثم ارض به
فبينما العسر إذ دارت مياسير.
و قال رجل من أصحاب
الجنازة تعرف لمن هذا الشعر فقلت لا و الله فقال هو لصاحب هذه الجنازة و أنت غريب
و تبكي عليه و أهله مسرورون بتركته.
فقال أبو العتاهية شعرا-
أرى الدنيا تجهز بانطلاق
مشمرة على قدم و ساق
فلا الدنيا بباقية لحي
و لا حي على الدنيا بباق.
و قال بعضهم محلة الأموات
أبلغ العظات فزوروا القبور و اعتبروا النشور.
و رئي بعضهم يدخل
المقبرة ليلا فينادي و يقول يا أهل القبور من أنتم ثم يجيب عن نفسه نحن الآباء و
الأمهات و الإخوة و الأخوات نحن الأحباب و الجيران نحن الأصدقاء و الإخوان نحن
الأحبة و الخلان طحننا البلى و أكلنا الثرى.