أَبَا ذَرٍّ لِيَرُدَّكَ عَنِ النَّاسِ مَا تَعْرِفُ مِنْ نَفْسِكَ وَ لَا تَجِدُ عَلَيْهِمْ فِيمَا تَأْتِي وَ كَفَى بِالرَّجُلِ عَيْباً أَنْ يَعْرِفَ مِنَ النَّاسِ مَا يَجْهَلُ مِنْ نَفْسِهِ وَ يَجِدُ عَلَيْهِمْ فِيمَا يَأْتِي قَالَ ثُمَّ ضَرَبَ عَلَى صَدْرِي وَ قَالَ يَا أَبَا ذَرٍّ لَا عَقْلَ كَالتَّدْبِيرِ وَ لَا وَرَعَ كَالْكَفِّ وَ لَا حَسَبَ كَحُسْنِ الْخُلُقِ.
وَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: فِي خُطْبَةِ أَبِي ذَرٍّ ره يَا مُبْتَغِيَ الْعِلْمِ لَا تَشْغَلْكَ الدُّنْيَا وَ لَا أَهْلٌ وَ لَا مَالٌ عَنْ نَفْسِكَ أَنْتَ يَوْمَ تُفَارِقُهُمْ كَضَيْفٍ بِتَّ فِيهِمْ ثُمَّ غَدَوْتَ عَنْهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةُ كَمَنْزِلٍ تَحَوَّلْتَ مِنْهُ إِلَى غَيْرِهِ وَ مَا بَيْنَ الْبَعْثِ وَ الْمَوْتِ إِلَّا كَنَوْمَةٍ نِمْتَهَا ثُمَّ اسْتَيْقَظْتَ مِنْهَا يَا جَاهِلُ تَعَلَّمِ الْعِلْمَ فَإِنَّ قَلْباً لَيْسَ فِيهِ عِلْمٌ كَالْبَيْتِ الْخَرَابِ الَّذِي لَا عَامِرَ لَهُ.
وَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ ره أَنَّهُ قَالَ: يَا بَاغِيَ الْعِلْمِ قَدِّمْ لِمَنَامِكَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّكَ مُرْتَهَنٌ بِعَمَلِكَ كَمَا تَدِينُ تُدَانُ يَا بَاغِيَ الْعِلْمِ صَلِّ قَبْلَ أَنْ لَا تَقْدِرَ عَلَى لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ تُصَلِّي فِيهِ إِنَّمَا مَثَلُ الصَّلَاةِ لِصَاحِبِهَا كَمَثَلِ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَى ذِي سُلْطَانٍ فَأَنْصَتَ لَهُ حَتَّى فَرَغَ مِنْ حَاجَتِهِ فَكَذَلِكَ الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَا دَامَ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَزَلِ اللَّهُ تَعَالَى يَنْظُرُ إِلَيْهِ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهِ يَا بَاغِيَ الْعِلْمِ تَصَدَّقْ مِنْ قَبْلِ أَنْ لَا تَقْدِرَ تُعْطِي شَيْئاً وَ لَا تَمْنَعْهُ إِنَّمَا مَثَلُ الصَّدَقَةِ لِصَاحِبِهَا مَثَلُ رَجُلٍ طَلَبَهُ قَوْمٌ بِدَمٍ فَقَالَ لَهُمْ لَا تَقْتُلُونِّي وَ اضْرِبُوا لِي أَجَلًا لِأَسْعَى فِي رِضَاكُمْ كَذَلِكَ الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ بِإِذْنِ اللَّهِ كُلَّمَا تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ حَلَّ بِهَا عُقْدَةً مِنْ رَقَبَةٍ حَتَّى يَتَوَفَّى اللَّهُ أَقْوَاماً وَ هُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ وَ مَنْ رَضِيَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْهُ فَقَدْ أُعْتِقَ مِنَ النَّارِ يَا بَاغِيَ الْعِلْمِ إِنَّ هَذَا اللِّسَانَ مِفْتَاحُ خَيْرٍ وَ مِفْتَاحُ شَرٍّ فَاخْتِمْ عَلَى فَمِكَ كَمَا تَخْتِمُ عَلَى ذَهَبِكَ وَ وَرِقِكَ يَا بَاغِيَ الْعِلْمِ إِنَّ هَذِهِ الْأَمْثَالَ ضَرَبَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِلنَّاسِ وَ قَالَ ما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ يَا بَاغِيَ الْعِلْمِ وَ كَانَ شَيْءٌ مِنَ الدُّنْيَا لَمْ يَكُنْ إِلَّا عَمَلٌ يَنْفَعُ خَيْرُهُ وَ يَضُرُّ شَرُّهُ إِلَّا مَا رَحِمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَا بَاغِيَ الْعِلْمِ لَا يَشْغَلْكَ أَهْلٌ وَ لَا مَالٌ عَنْ نَفْسِكَ فَإِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ شَيْئاً.
الباب الخامس و الأربعون في ولاية الله تعالى
قال الله تعالى أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ و ولاية الله معرفته و معرفة نبيه و معرفة الأئمة من أهل بيته ع و موالاتهم