و هذا إشارة إلى
المراقبة لأن المراقبة على العبد باطلاع الرب عليه في كل حالاته و ملاحظة الإنسان
لهذا الحال فهو المراقبة و أعظم مصالح العبد استحضاره مع عدد أنفاسه إن الله تعالى
عليه رقيب و منه قريب يعلم أفعاله و يرى حركاته و يسمع أقواله و يطلع على أسراره و
أنه يتقلب في قبضته و ناصيته و قلبه بيده و أنه لا طاقة له على التستر عنه و لا
على الخروج عن سلطانه-
فيه إشارة منه له أنك لا
تجد مكانا لا يراك فيه فلا تعصه و قال تعالى وَ هُوَ مَعَكُمْ
أَيْنَ ما كُنْتُمْ و كان بعض العلماء يرفع شابا على تلاميذه كلهم فلاموه في ذلك
فأعطى كل واحد منهم طيرا و قال اذبحه في مكان لا يراك فيه أحد فجاءوا كلهم بطيورهم
و قد ذبحوها فجاء الشاب بطيره و هو غير مذبوح فقال له لم لا تذبحه فقال لقولك لا تذبحه
إلا في موضع لا يراك فيه أحد و لا يكون مكانا إلا يراني فيه الواحد الأحد الفرد
الصمد فقال له أحسنت ثم قال لهم لهذا رفعته عليكم و ميزته منكم و من علامات
المراقبة إيثار ما آثر الله و تعظيم ما أعظم الله و تصغير ما صغر الله فالرجاء
يحثك على الطاعات- و الخوف يبعدك عن المعاصي و المراقبة تؤدي إلى طريق الحياء و
تحمل من ملازمة الحقائق و المحاسبة على الدقائق و أفضل الطاعات مراقبة الحق سبحانه
و تعالى على دوام الأوقات و من سعادة المرء أن يلزم نفسه المحاسبة و المراقبة و
سياسة نفسه باطلاع الله و مشاهدته لها و أنها لا تغيب عن نظره و لا يخرج عن علمه و
ينبغي للواعظ غيره أن يعظ نفسه قبلهم و لا يغره اجتماع الناس عليه و الاستماع منه
فإنهم يراقبون ظاهره و الله شهيد على ما في باطنه
و روي أن
نام کتاب : إرشاد القلوب إلى الصواب نویسنده : الديلمي، حسن بن محمد جلد : 1 صفحه : 128