و نهاية الحياء ذوبان
القلب للعلم بأن الله مطلع عليه و طول المراقبة لمن لا يغيب عن نظره سرا و علانية
و إذا كان العبد حال عصيانه يعتقد أن الله يراه فإنه قليل الحياء جاهل بقدرة الله
و إن كان يعتقد أنه لا يراه فإنه كافر
الباب الحادي و
الثلاثون في الحزن و فضله
قال الله تعالى وَ
ابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ و ما كان حزنه إلا
عبادة الله تعالى لا جزعا-
و أن الله تعالى يحب
كل قلب حزين و إذا أحب الله قلبا فصب فيه نائحة من الحزن و لا يسكن الحزن إلا قلبا
سليما و قلب ليس فيه الحزن خراب و لو أن محزونا كان في أمة لرحم الله تلك الأمة.
فقال مصنف هذا الكتاب
ليس العجب من أن يكون الإنسان حزينا بل العجب أن يخلو من الحزن ساعة واحدة و كيف
لا يكون كذلك و هو يصبح و يمسي على جناح سفر بعيد أول منازله الموت و مورده القبر
و مصدره القيامة و موقفه بين يدي الله تعالى أعضاؤه شهوده و جوارحه جنوده و ضمائره
عيونه و خلواته عيانه يمسي و يصبح بين نعمة يخاف زوالها و ميتة يخاف حلولها و بلية
لا يأمن نزولها مكتوم الأجل مكنون العلل محفوظ العمل صريع بطنته و عبد شهوته و
عريف زوجته متعب في كل أحواله حتى في أوقات لذته بين أعداء كثيرة نفسه و الشيطان و
الأمل و العائل يطلبونه بالقوت و حاسد يحسده و جار يؤذيه و أهل يقطعونه و قرين سوء
يريد حتفه و الموت متوجه إليه و العلل متقاطرة عليه و لقد جمع هذا كله مولانا
أمير المؤمنين ع
بقوله- عَيْنُ الدَّهْرِ تَطْرِفُ بِالْمَكَارِهِ وَ النَّاسُ بَيْنَ
أَجْفَانِهِ.
و الله لقد أفضح الدنيا
و نعيمها و لذاتها الموت و ما ترك لعاقل فيها
نام کتاب : إرشاد القلوب إلى الصواب نویسنده : الديلمي، حسن بن محمد جلد : 1 صفحه : 112