للشيخ أبي بكر محمد بن علي الملقب بمحيي الدين بن عربي المتوفى سنة
638 ه 1240 م من المؤلفات ما لا يكاد العقل يتصور صدوره عن مؤلف واحد لم ينفق كل
لحظة من لحظات حياته في التأليف و التحرير، بل شغل شطراً غير قليل منها فيما يشغل
به الصوفية أنفسهم من ضروب العبادة و المجاهدة و المراقبة و المحاسبة. و لو قيس
ابن عربي بغيره من كبار مؤلفي الإسلام المتفلسفين أمثال ابن سينا و الغزالي لبذّهم
جميعاً في ميدان التأليف من ناحية الكم و الكيف على السواء. أما من ناحية الكم،
فقد ألَّف نحواً من مائتين و تسعة و ثمانين كتاباً و رسالة على حد قوله في مذكرة
كتبها عن نفسه سنة 632، أو خمسمائة كتاب و رسالة على حد قول عبد الرحمن جامي صاحب
كتاب نفحات الأنس، أو أربعمائة كتاب كما يقول الشعراني في اليواقيت و الجواهر. و
قد وصفه بروكلمان (ج 1 ص 441) بأنه مؤلف من أخصب المؤلفين عقلًا و أوسعهم خيالًا،
و ذكر له نحواً من مائة و خمسين مؤلفاً لا تزال باقية بين مخطوط و مطبوع. و مهما
يكن من التضارب بين الكتّاب في عدد مؤلفات ابن عربي و أحجامها، فليس هناك من شك في
أن هذا الرجل كان من أغزر كتاب المسلمين